( تنبيه ) لم يذكر المصنف في خطبته الشهادة مع أنه ورد { كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء } أخرجه من حديث أبو داود مرفوعا في كتاب الأدب من سننه ص ( وبعد فقد سألني جماعة أبان الله لي ولهم معالم التحقيق وسلك بنا وبهم أنفع طريق ) أبي هريرة
ش : بعد ظرف مكان مقطوع عن الإضافة لفظا لا معنى ولذلك بني على الضم والتقدير وبعد حمد الله والصلاة على رسوله وهي كلمة تستعمل في الخطب والكلام الفصيح لقطع ما قبلها عما بعدها ، قال بعض الشافعية : ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عقد لها بابا في كتاب الجمعة وذكر فيه أحاديث كثيرة وتستعمل مقرونة بأما والواو ومع إحداهما دون الأخرى ودخول الفاء بعدها مع أما واضح لما تضمنته أما من معنى الشرط وأما مع عدمها فتدخل على توهم وجود أما وتكون الواو استئنافية أو على تقدير أما محذوفة والواو عوض منها أو دون تعويض وعلى الأول فالعامل في " بعد " الفعل المقدر إذ التقدير وبعد كذا وكذا ، فأقول : وعلى الثاني فالعامل في " بعد " أما المحذوفة لنيابتها عن فعل الشرط المقدر إذ التقدير مهما يكن من شيء بعد حمد الله والصلاة على رسوله فقد سألني إلى آخره والعامل في " بعد " الفعل المقدر البخاري
واختلف في أول من نطق بأما بعد فقيل : داود عليه الصلاة والسلام وأنها فصل الخطاب الذي أوتيه ، وقيل : قس بن ساعدة وقيل : كعب بن لؤي وقيل : يعرب بن قحطان وقيل : سحبان وائل وأبان أوضح والمعالم جمع معلم بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه وأصله الأثر الذي يستدل به على الطريق واستعاره المصنف لما يستدل به على التحقيق . والتحقيق معرفة الشيء بدليله من غير تقليد فيه والمراد بمعالمه الأدلة التي يهتدى بها إليه والمعروف في " سلك " أنه يتعدى بنفسه ، قال تعالى { كذلك نسلكه } وقال { ما سلككم } وعداه المصنف بالباء كأنه ضمنه معنى دخل كقوله صلى الله عليه وسلم { } رواه من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وأنفع طريق هي الطريق الموصلة إلى معرفة الله سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والضمير في قوله : " بنا " للشيخ ، ومن سأله وفي بعض النسخ " بنا وبهم " فالضمير للمصنف فقط . مسلم