( كتاب الصيد )
مصدر بمعنى اسم المفعول ، وأفرده نظرا للفظه ، ويصح بقاؤه على مصدريته ؛ لأن أكثر الأحكام الآتية تتعلق بالفعل ، وعطف الذبائح عليه لا ينافي ذلك ( الذبائح ) جمع ذبيحة ، وجمعها ؛ لأنها تكون بسكين ، وسهم ، وجارحة ، وأصلهما الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، وأركانهما فاعل ، ومفعول به ، وفعل ، وآلة ، وستأتي كلها ، وذكر هذا الكتاب ، وما بعده هنا هو ما عليه أكثر الأصحاب ؛ لأن في أكثرها نوعا من الجناية ، وخالف في الروضة فذكرها آخر ربع العبادات ؛ لأن فيها شوبا تاما منها المبيحة لحل أكله إنما تحصل ( بذبحه في حلق ) ، وهو أعلى العنق [ ص: 313 ] ( أو لبة ) بفتح أوله ، وهي أسفله ( إن قدر عليه ) ، وسيذكر أنها إنما تحصل بقطع كل الحلقوم ، والمريء ( ذكاة الحيوان ) البري ( المأكول )
فالذبح هنا بمعنى القطع الآتي ، وهي بالمعجمة لغة التطييب ، ومنه رائحة ذكية ، والتتميم ، ومنه فلان ذكي أي : تام الفهم سمي بها شرعا الذبح المبيح ؛ لأنه يطيب أكل الحيوان بإباحته إياه ، وبهذا يعلم رد ما قيل تعريفه لها بذلك غير مستقيم ؛ لأنها لغة الذبح فقد عرف الشيء بنفسه أي : المساوي له مفهوما ، وماصدقا ، ووجه رده منع قوله : أنها لغة الذبح على أنه لو سلم إطلاقها عليه لغة كان المراد بها مطلقه ، وهو غير الذبح شرعا ؛ لأنه يعتبر فيه قيد المبيح فلم يعرف الشيء بنفسه على أنه ليس هنا تعريف أصلا ، وإنما صواب العبارة أن فيه تحصيل الشيء بنفسه
وجوابه ما علم أن مطلق الذكاة غير خصوص الذبح المبيح ، ولا شك أن المطلق يحصل بيانه بذكر المقيد ، ولا يرد عليه حل الجنين بذبح أمه ، وإن أخرج رأسه ، وبه حياة مستقرة ، أو ، وهو ميت ؛ لأن انفصال بعض الولد لا أثر له غالبا ، وذلك ؛ لأن الشارع جعل ذبحها ذكاة له ، واعترضت تسميته ما في اللبة ذبحا بأنه سيعبر عنه بالنحر [ ص: 314 ] ويرد بأنه لا مانع من تسميته ذبحا ، ونحرا ، وبفرض منعه لا مانع من تسميته به تغليبا ( وإلا ) يقدر عليه ( فبعقر مزهق حيث كان ) أي : بأي موضع منه وجد تحصل ذكاته لما يأتي