من حيث حق الآدمي ( القول ) قياسا على التوبة من الردة بالشهادتين ، ووجوبهما وإن كانت الردة فعلا كسجود لصنم لكون القولية هي الأصل أو لتضمن ذلك تكذيب الشرع وقضيته كالمتن اشتراط القول في كل معصية قولية كالغيبة وبه صرح ( ويشترط في ) صحة ( توبة معصية قولية ) الغزالي فيها ونص الأم بقضيته في الكل وهو ظاهر .
وإن قيل ظاهر كلام الأكثرين اختصاصه بالقذف وعليه فرق في المطلب بينه وبين غيره بأن ضرره أشد ؛ لأنه يكسب عارا وإن لم يثبت فاحتيط بإظهار نقيض ما حصل منه وهو الاعتراف بالكذب جبرا لقلب المقذوف وصونا لما انتهكه من عرضه واشترط جمع متقدمون أنه لا بد في التوبة من كل معصية من الاستغفار أيضا واعتمده البلقيني وأطال في الاستدلال له لكن بما لا يرد عليه عند التأمل المقتضي لحمل تلك الظواهر على الندم وخرج بالقولية الفعلية فلا يشترط فيها قول ؛ لأن الحق فيها متمحض إلى الله تعالى فأدير الأمر فيها على الصدق باطنا بخلاف القذف لما تقرر فيه ( فيقول القاذف ) وإن كان قذفه بصورة الشهادة لكون العدد لم يتم ( قذفي باطل وأنا نادم عليه ولا أعود إليه ) أو ما كنت محقا في قذفي وقد تبت منه أو نحو ذلك ولا يلزمه أن يتعرض لكذبه ؛ لأنه قد يكون صادقا فإن قلت قد تعرض له بقوله قذفي باطل ولذا قيل الأولى قول أصله كالجمهور القذف باطل . [ ص: 242 ] قلت : المحذور إلزامه بالتصريح بكذبه لا بالتعريض به وهذا فيه تعريض لا تصريح ألا ترى أنك تقول لمحاورك هذا باطل ولا يجزع ولو قلت له كذبت لحصل له غاية الجزع والحنق وسره أن البطلان قد يكون لاختلال بعض المقدمات فلا ينافي مطلق الصدق بخلاف الكذب ، وبهذا يظهر أنه لا اعتراض على المتن ، وأن عبارته مساوية لعبارة أصله والجمهور ثم إن اتصل ذلك بالقاضي بإقرار ، أو ببينة اشترط أن يقول ذلك بحضرته وإلا فلا على الأوجه قيل في جواز إعلامه به نظر لما فيه من الإيذاء ، وإشاعة الفاحشة نعم لا بد أن يقول بحضرة من ذكره بحضرته أولا وليس كالقذف فيما ذكر كما بحثه البلقيني قوله لغيره يا ملعون أو يا خنزير ونحوه فلا يشترط في التوبة منه قول ؛ لأن هذا لا يتصور إيهام أنه محق فيه حتى يبطله بخلاف القذف ونازع في اشتراط وأنا نادم وما بعده