( فصل ) وما يجوز الاستخلاف فيه وما يجوز للمزحوم وما يمتنع من ذلك ( من أدرك ركوع ) الركعة ( الثانية ) مع الإمام المتطهر المحسوب له إلا فيما يأتي واستمر معه إلى أن يسلم كما أفاده قوله : فيصلي بعد سلام الإمام وبهذا يندفع الاعتراض عليه بأن قول أصله أدرك مع الإمام ركعة أحسن [ ص: 481 ] على أن هذا فيه إيهام سلم منه المتن إذ قضيته الاكتفاء بإدراك الركوع والسجدتين فقط والمعتمد كما أفاده كلام فيما تدرك به الجمعة الشيخين واعتمده الأذرعي وغيره ، وإن خالف فيه كثيرون وحملوا كلامهما على التمثيل دون التقييد
واستدلوا بنص الأم وغيره أنه لا بد من استمراره معه إلى السلام وإلا كأن فارق أو بطلت صلاة الإمام لم يدرك الجمعة وأيده الغزي بما يأتي في الخليفة أنه لو أدرك ركوع الثانية وسجدتيها لا يدرك الجمعة وهو استدلال محتمل ، وإن أمكن الفرق وكون الركعة تنتهي بالفراغ من السجدة الثانية إذ ما بعدها ليس منها كما هو واضح من كلامهم لا ينافي ذلك ؛ لأن الاحتياط للجمعة يقتضي اعتبار تابع الثانية منها فيها لامتيازها بخصوصيات عن غيرها كما علم مما مر ويأتي ( أدرك الجمعة ) حكما لا ثوابا كاملا ( فيصلي بعد سلام الإمام ركعة ) جهرا للخبر الصحيح { } وفي رواية صحيحة { من أدرك ركعة من الجمعة فليصل أي بضم ففتح فتشديد إليها أخرى } وتحصل الجمعة أيضا بإدراك ركعة أولى معه ، وإن فارقه بعدها لما مر أن الجماعة لا تجب إلا في الركعة الأولى وبإدراك ركعة معه ، وإن لم تكن أولى الإمام ولا ثانيته بأن قام لزائدة ، ولو عامدا كما بينته في شرح الإرشاد في مبحث القدوة فقول أصل الروضة سهوا تصوير بدليل أنه قاسه على المحدث وهو تصح الصلاة خلفه ، وإن علم حدث نفسه فجاء جاهل بحاله واقتدى به وأدرك الفاتحة ، ثم استمر معه إلى أن يسلم ؛ لأنه أدرك مع الإمام ركعة قبل سلام الإمام فهو كمصل أدرك صلاة أصلية جمعة أو غيرها خلف محدث ويؤخذ منه أنه لا بد هنا من زيادة الإمام على الأربعين وفي هذه الأحوال كلها لو أراد آخر أن يقتدي به في ركعته الثانية ليدرك الجمعة جاز كما في البيان عن من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة وجرى عليه أبي حامد الريمي وابن كبن وغيرهما [ ص: 482 ] قال بعضهم وعليه لو أحرم خلف الثاني عند قيامه لثانيته آخر وخلف الثالث آخر وهكذا حصلت الجمعة للكل
ونازع بعضهم أولئك بأن الذي اقتضاه كلام الشيخين وصرح به غيرهما أنه لا يجوز الاقتداء بالمسبوق المذكور . ا هـ . وفيه نظر وليس هنا فوات العدد في الثانية وإلا لم تصح للمسبوق نفسه بل العدد موجود حكما ؛ لأن صلاته كمن اقتدى به وهكذا تابعة للأولى ( وإن أدركه بعده ) أي الركوع ( فاتته ) الجمعة لمفهوم هذا الخبر ( فيتم ) صلاته عالما كان أو جاهلا ( بعد سلامه ) أي الإمام ( ظهرا أربعا ) من غير نية لفوات الجمعة وأكد بأربعا ؛ لأن الجمعة قد تسمى ظهرا مقصورة
( والأصح أنه ) أي المدرك بعد الركوع [ ص: 483 ] ( ينوي ) وجوبا على المعتمد ( في اقتدائه الجمعة ) موافقة للإمام ولأن اليأس لا يحصل إلا بالسلام إذ قد يتذكر الإمام ترك ركن فيأتي بركعة ويعلم المأموم ذلك فيدرك معه الجمعة وإنما قلنا ويعلم إلى آخره لقولهم لا تجوز متابعة الإمام في فعل السهو ولا في القيام لخامسة ، ولو بالنسبة للمسبوق حملا على أنه سها بركن ومر الفرق بين اليأس هنا وفي المعذور ( وإذا خرج الإمام من الجمعة أو غيرها ) بأن أخرج نفسه عن الإمامة بنحو تأخره [ ص: 484 ] أو خرج عن الصلاة ( بحدث أو غيره ) كرعاف كثير أو بلا سبب أصلا ( جاز الاستخلاف ) للإمام ولهم وهو أولى ولبعضهم ( في الأظهر ) لأن الصلاة بإمامين على التعاقب جائزة كما صح من فعل أبي بكر ، ثم النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه قالوا وإذا جاز هذا فيمن لم تبطل صلاته ففي من بطلت بالأولى لضرورته إلى الخروج منها واحتياجهم إلى إمام ومن فعل عمر لما طعن ، ثم رضي الله عنهما عبد الرحمن بن عوف
ويجوز أن يتقدم واحد بنفسه ، وإن فوت على نفسه الجمعة ؛ لأن التقدم مطلوب في الجملة فعذر به كذا قيل والأوجه كما بينته في شرح العباب أنه لا يجوز له ذلك بل ، وإن قدمه الإمام ؛ لأن الظاهر أن محل الخلاف في وجوب امتثاله إذا لم يترتب عليه فوات الجمعة ، ولو تركه الإمام ولم يتقدم أحد في الجمعة لزمهم في أولاها فقط لما مر من اشتراط الجماعة فيها دون الثانية فلو أتم الرجال حينئذ منفردين وقدم النسوة امرأة منهن جاز كما يفهمه تعبير الروضة بصلاحية المقدم لإمامة القوم أي الذين يقتدون به ، وإن لم يصلح لإمامة الجمعة إذ لو ائتممن فرادى جاز فالجماعة أولى ، ولو قدم الإمام أو المأمومون قبل فراغ الأولى واحدا لم يلزمه التقدم على ما بحثه ابن الأستاذ وله احتمال باللزوم لئلا يؤدي إلى التواكل وهو متجه ولا عبرة بتقديمه لمن لا تصح إمامته لهم كامرأة فلا تبطل صلاتهم إلا إن اقتدوا بها وإنما يجوز الاستخلاف أو التقدم [ ص: 485 ] قبل أن ينفردوا بركن ، ولو قوليا على ما اقتضاه إطلاقهم وإلا امتنع في الجمعة مطلقا وفي غيرها بغير تجديد نية اقتداء به ، ولو فعله بعضهم ففي غيرها يحتاج من فعله لنية دون من لم يفعله وفيها إن كان غير الفاعلين أربعين بقيت وإلا بطلت كما هو ظاهر وأفهم ترتيبه الاستخلاف على خروجه أنه لا يجوز له الاستخلاف قبل الخروج وبه صرح الشيخان في باب صلاة المسافر نقلا عن المحاملي وغيره والمراد كما هو ظاهر أنه ما دام إماما لا يجوز ولا يصح استخلافه لغيره بخلاف ما إذا أخرج نفسه من الإمامة فإنه يجوز استخلافه ، وإن لم يكن له عذر لقولهم السابق آنفا وإذا جاز هذا إلى آخره
وقول متى حضر إمام أكمل جاز استخلافه مراده إن أخرج نفسه عن الإمامة وحينئذ لا يتقيد بالأكمل أبي محمد