على الأوجه ليحصل له الثواب الآتي وبه فارق عدم تلقينه في القبر لا منه من السؤال ( الشهادة ) أي لا إله إلا الله فقط لخبر ( ويلقن ) ندبا المحتضر ولو مميزا { مسلم } مع الخبر الصحيح { لقنوا موتاكم أي من حضره الموت لا إله إلا الله } أي مع الفائزين وإلا فكل مسلم ولو فاسقا يدخلها ولو بعد عذاب وإن طال خلافا لكثير من فرق الضلال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة كالمعتزلة والخوارج .
[ ص: 93 ] وقول جمع : يلقن " محمد رسول الله " أيضا لأن القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما مردود بأنه مسلم وإنما القصد ختم كلامه بلا إله إلا الله ليحصل له ذلك الثواب وبحث تلقينه الرفيق الأعلى لأنه آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم مردود بأن ذلك لسبب لم يوجد في غيره وهو أن الله خيره فاختاره أما الكافر فيلقنهما قطعا مع لفظ " أشهد " لوجوبه أيضا على ما سيأتي فيه إذ لا يصير مسلما إلا بهما وينبغي كما قال الماوردي وغيره تقديم التلقين على الاضطجاع السابق إن لم يمكن فعلهما معا لأن النقل فيه أثبت ولعظيم فائدته ولئلا يحصل الزهوق إن اشتغل بالاضطجاع ويسن أن يكون مرة فقط و ( بلا إلحاح ) عليه لئلا يضجر فيتكلم بما لا ينبغي لشدة ما يقاسي حينئذ وأن لا يقال له : قل بل يذكر الكلمة عنده ليتذكر فيذكر فإن ذكرها وإلا سكت يسيرا ثم يعيدها فيما يظهر وأن يعيده إذا تكلم ولو بذكر ليكون آخر كلامه الشهادة وليكن غير متهم لنحو عداوة أو إرث إن كان ثم غيره فإن حضر عدو ووارث فالوارث لأنه أشفق لقولهم لو حضر ورثة قدم أشفقهم ( ويقرأ ) ندبا ( عنده يس ) للخبر الصحيح { } أي من حضره الموت لأن الميت لا يقرأ عليه . اقرءوا على موتاكم يس
وأخذ ابن الرفعة بقضيته وهو أوجه في المعنى إذ لا صارف عن ظاهره وكون الميت لا يقرأ عليه ممنوع لبقاء إدراك روحه فهو بالنسبة لسماع القرآن وحصول بركته له كالحي وإذا صح السلام عليه فالقراءة عليه أولى .
[ ص: 94 ] وقد صرحوا بأنه يندب نعم يؤيد الأول ما في خبر غريب { للزائر والمشيع قراءة شيء من القرآن ما من مريض يقرأ عنده يس إلا مات ريانا وأدخل قبره ريانا } والحكمة في يس اشتمالها على أحوال القيامة وأهوالها وتغير الدنيا وزوالها ونعيم الجنة وعذاب جهنم فيتذكر بقراءتها تلك الأحوال الموجبة للثبات قيل : والرعد لأنها تسهل طلوع الروح ويجرع الماء ندبا بل وجوبا فيما يظهر إن كأن يهش إذا فعل به ذلك لأن العطش يغلب حينئذ لشدة النزع ولذلك يأتي الشيطان - كما ورد - بماء زلال ويقول : قل لا إله غيري حتى أسقيك قيل : ويحرم ظهرت أمارة تدل على احتياجه له ويأتي في المسائل المنثورة ما يرده ( وليحسن ) ندبا المحتضر وكذا المريض وإن لم يصل إلى حالة الاحتضار كما في المجموع ( ظنه بربه سبحانه وتعالى ) أي يظن أنه يغفر له ويرحمه للخبر الصحيح { حضور الحائض عنده } وصح قوله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث { أنا عند ظن عبدي بي فلا يظن بي إلا خيرا لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله } ويسن له عنده تحسين ظنه وتطميعه في رحمة ربه [ ص: 95 ] وبحث الأذرعي وجوبه إذا رأوا منه أمارة اليأس والقنوط لئلا يموت على ذلك فيهلك فهو من النصيحة الواجبة وإنما يأتي على وجوب استتابة تارك الصلاة فعلى ندبها السابق يندب هذا إلا أن يفرق بأن تقصير ذاك أشد وبأن ما هنا يؤدي إلى الكفر بخلاف ذاك .