( ثوب ) يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة دون الرق والحرية بناء على الأصح الذي صرح به وأقله الرافعي أن الرق يزول بالموت وإن بقيت آثاره من تغسيله لأمته ، وقول الزركشي لو زال ملكه لم يغسلها يرده أنه يغسل زوجته مع زوال عصمتها عنه ، ثم الاكتفاء بساتر العورة هو ما صححه المصنف في جميع كتبه إلا الإيضاح ونقله عن الأكثرين كالحي ولأنه حق لله تعالى وقال آخرون : يجب ستر جميع البدن إلا رأس المحرم ووجه المحرمة لحق الله تعالى كما يأتي عن المجموع ويصرح به قول المهذب إن ساتر العورة فقط لا يسمى كفنا أي والواجب التكفين فوجب الكل للخروج عن هذا الواجب الذي هو لحق الله تعالى وأطال جمع متأخرون [ ص: 116 ] في الانتصار له وعلى الأول يؤخذ من قول المجموع عن الماوردي وغيره لو قال الغرماء يكفن بساترها والورثة بسابغ كفن في السابغ اتفاقا أن الزائد على ساترها من السابغ حق مؤكد للميت لم يسقطه فقدم به على الغرماء كالورثة فيأثمون بمنعه وإن لم يكن واجبا في التكفين وهذا مستثنى لما تقرر من تأكد أمره لقوة الخلاف في وجوبه وإلا فقد جزم الماوردي بأن للغرماء منع ما يصرف في المستحب
وعلى ما تقرر من تأكده وتقدمه به يحمل قول بعض من اعتمد الأول إنه واجب لحق الميت أي لا للخروج من عهدة التكفين الواجب على كل من علم به وإلا لم يبق خلاف في أن الواجب ساترها أو السابغ فعلم أنه بالساتر يسقط حرج التكفين الواجب عن الأمة ويبقى حرج منه حق الميت على الورثة أو الغرماء ، ومن كونه حقه يحمل تصريح آخرين بأنه يسقط بإيصائه بإسقاطه كما يأتي وقول رضي الله عنه إذا الشافعي سقط الفرض لكنه أخل بحقه صريح فيما قررته أنه واجب للميت كما أفاده قوله لكنه أخل بحقه لا للخروج من عهدة التكفين كما أفاده قوله سقط الفرض وفي المجموع عن غطي من الميت عورته فقط المتولي القطع بالاكتفاء بستر العورة ثم القطع بأن الزائد لا يسقط بإسقاطه لأنه واجب لحق الله وفيه تناقض إلا أن يكون قوله لحق الله ليس من كلام المتولي فإنه لا تناقض فيه وبما تقرر علم أن قول شيخنا في شرح الروض لعل مراد القائلين بوجوب الزائد أنه لحق الميت بالنسبة للغرماء أخذا من الاتفاق المذكور لا لحق الله تعالى وإلا فهو تناقض يرد بأن الحق أنه تناقض وأن ذلك الحمل لا يصح لأن الخلاف [ ص: 117 ] في وجوب ساترها أو الكل إنما هو بالنظر لحق الله كما تقرر في توجيههما .
ويأتي عن المجموع التصريح به في أن الوصية بإسقاط الزائد لا تنفذ لأنه واجب لحق الله تعالى ولا ينافي ذلك الاتفاق المذكور لأن الوجوب فيه لحق الآدمي فهو مبني على أن الواجب ساترها لحق الله والزائد لحق الآدمي ويعلم منه بالأولى تقدمه بالزائد عليهم على وجوب الزائد لحق الله فصح الاتفاق ولا بد من ستر البشرة هنا كالصلاة ( ولا تنفذ ) بتشديد الفاء والبناء للمفعول ويجوز عكسه ( وصيته بإسقاطه ) أي ساتر العورة لما تقرر أنه حق لله تعالى بخلافها بما زاد عليه خلافا لما في المجموع عن جمع فإنه إنما يأتي على الضعيف أن الواجب ستر جميع البدن لحق الله تعالى فقوله لحق الله صريح في البناء على هذا الضعيف لما تقرر عنه في التفريع على الأول الذي صححه أن الزائد حقه يتقدم به على الورثة كما صرح به نقله الاتفاق السابق وما مر عن فإن قلت ظاهر كلام بعضهم أن وصيته لا تنفذ بإسقاطه وإن قلنا : إنه حقه لأن إسقاطه له مكروه والوصية به لا تنفذ قلت كون وصيته بإسقاطه مكروهة ممنوع كيف وفيه من المسامحة بحقه للورثة أو الغرماء ما لا يخفى وبه يندفع ما يقال هو مزر به فكيف جاز له إسقاطه على أن فيه من التخلي عن الدنيا وزينتها ما هو لائق بالحال ( الشافعي ) [ ص: 118 ] أي الذكر ( ثلاثة ) يعم كل منها البدن غير رأس محرم ووجه محرمة اتباعا لما فعل به صلى الله عليه وسلم ( ويجوز ) بلا كراهة لكنه خلاف المستحب ( رابع وخامس ) برضا الورثة المطلقين التصرف وكذا أكثر لكن مع الكراهة كما أطلقوه قال في المجموع ولا يبعد تحريمه لأنه إضاعة مال إلا أنه لم يقل به أحد ا هـ وقال والأفضل للرجل الأذرعي جزم ابن يونس بالتحريم وهو قضية أو صريح كلام كثيرين فهو الأصح ( و ) ( خمسة ) لطلب زيادة الستر فيها وتكره الزيادة عليها هذا كله حيث لا دين ، وكفن من ماله وإلا وجب الاقتصار على ثوب ساتر لكل البدن إن طلبه غريم مستغرق أو كفن ممن تلزمه نفقته ولم يتبرع بالزائد أو من بيت المال أو وقف الأكفان [ ص: 119 ] أو من مال الموسرين لفقد ما ذكر ولو اختلف الورثة في الثلاثة ودونها أو أكثر أو اتفقوا على ثوب واحد أو كان فيهم محجور عليه فالثلاثة ولهم الزيادة عليها إلا إن كان فيهم محجور عليه أو الورثة والغرماء المستغرقون في ساتر العورة والبدن فساتر البدن لما مر أنه حقه يتقدم به عليهم لتأكد أمره بقوة الخلاف في وجوبه وإن أسقطه وبهذا فارق إجابتهم في منع سائر المستحبات وإذا قلنا بإجبار الغرماء والورثة على السابغ كما تقرر فليس مثله بقية الثلاثة بالنسبة للغرماء بل للورثة فإذا اتفقوا على ثوب أجبرهم الحاكم على الثلاثة لنظير ما تقرر وأنها حقه بالنسبة لهم فقدم عليهم ما لم يسقطها لا لكونها واجبة من حيث التكفين وفارق الغرماء الورثة هنا بأن حقه في الثلاث أضعف منه في السابغ فلم يمنع الغرماء تقديما لبراءة ذمته ، ومنع الورثة لأنه لا معارض لحقه وقول المجموع : القول بوجوب الثلاث شاذ محمله القول بوجوبها من حيث واجب التكفين وليس كلامنا فيه وإنما هو في وجوبها من حيث إنها حقه ولم يسقطه ولا معارض له ومن ثم قال الأفضل ( لها ) أي المرأة ومثلها الخنثى السبكي والأذرعي يجبرهم الحاكم على الثلاث وإن كان فيهم محجور .
قال الأذرعي أو غائب وقول الأذرعي الإجبار إنما يتأتى على الوجه الشاذ أن الثلاث واجبة علم رده مما تقرر في تقرير ذلك الوجه ومن ثم لما استشكل ذلك على السبكي أجابه بما ذكرته أنها واجبة لحق الميت لأنها لجماله كما يترك للمفلس دست ثوب [ ص: 120 ] يليق به قال فالشاذ إنما هو إيجابها لحق الله تعالى فلا تسقط وإن أوصى بإسقاطها ا هـ .
( فرع ) : قال وارث : أكفنه من مالي وقال آخر من التركة ، أجيب ؛ دفعا لمنة الأول عنه وبحث الأذرعي أن الحاكم يعتبر الأصلح فيجيب المتبرع لاستغراق دين أو خبث التركة أو قلتها مع كثرة أطفاله وهو وجيه مدركا لا نقلا . أو أجيب الأول على ما بحثه قال وارث : أكفنه من المسبلة ، وآخر : من مالي الزركشي والوجه ما نقله عن الأذرعي السرخسي أنه يجاب الثاني دفعا للعار عنه ومثله قول واحد : من مالي ، وآخر : من بيت المال أو أجيب الثاني لأنه لا عار هنا بوجه . قال وارث : أدفنه في ملكه ، وآخر : في مسبلة