( ويسن وإن كان من نخيل البصرة ، وما أطال به خرص الثمر ) الذي تجب فيه الزكاة الماوردي من استثنائه ونقل فيه الإجماع ؛ لأنهم لا يمنعون منه مجتازا فيخرجون أكثر مما عليهم وألحق بهم من هو مثلهم في ذلك ردوه بأنه طريقة ضعيفة تفرد بها ( إذا بدا صلاحه ) [ ص: 257 ] أو صلاح بعضه ( على مالكه ) للأمر الصحيح بذلك ، ومن ثم قيل بوجوبه وبحثه بعضهم على الأول إذا علم الإمام أو نائبه تصرف الملاك بالبيع وغيره قبل الجفاف ، والخرص التخمين فهو هنا حزر ما يجيء من الرطب والعنب تمرا أو زبيبا بأن يرى ما على كل شجرة ثم إن شاء ، وهو الأولى قدر عقب رؤية كل ما عليها رطبا ثم جافا ، وإن شاء قدر الجميع رطبا ثم جافا بشرط اتحاد النوع ، وخرج بالثمر المراد به الرطب والعنب الحب لتعذر الحزر فيه لكن بحث بعضهم أن للمالك إذا اشتدت الضرورة لشيء منه أخذه ويحسبه واستدل بما لا يتأتى على قواعدنا فهو ضعيف ، وإن نقل عن الأئمة الثلاثة ما قيل إنه يوافقه وببعد بدو الصلاح قبله لتعذر خرصه ولعدم تعلق حق الفقراء به ( والمشهور إدخال جميعه في الخرص ) لعموم الأدلة الموجبة لعشر الكل أو نصفه من غير استثناء شيء لأكله وأكل عياله ونحوهم لكن يشهد للاستثناء خبر صحيح به وحملوه رضي الله عنه في أظهر قوليه على أنه يترك له من الزكاة شيء ليفرقه بنفسه في أقاربه وجيرانه ، وفي تضعيف المتن مدرك هذا المقابل نظر مع شهادة الحديث وبعد تأويله ، ومن ثم قال كالشافعي الأذرعي : ليس عنه جواب شاف ، وهو مذهب الحنابلة واختاره بعضهم إذا دعت حاجة المالك إليه ، ولم يجد خارصا يثق به ونوى أن يخرج بعد الجداد عما يأكله واستشهد له بتناوله صلى الله عليه وسلم الباكورة قبل بعث الخارص ومر الجواب عن هذا الاستشهاد ( وأنه يكفي خارص ) واحد ؛ لأنه يجتهد ويعمل بقول نفسه فهو كالحاكم ، ولو توقفنا حتى يعرف الأمر منهما أو من غيرهما ، ولو اختلف خارصان فقد خارص من جهة الساعي
[ ص: 258 ] حكم المالك عدلين يخرصان عليه ويضمنانه كما يأتي ، ولا يكفي واحد احتياطا لحق الفقراء ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك ، فبحث بعضهم إجزاء واحد يرد بذلك ، وبتحكيمهما مع التضمين الآتي المفيد للتصرف رد ابنا الرفعة والأستاذ قول الغزالي كإمامه بالإجماع وإلا لمنع الناس من الرطب وحمل - ما قالاه - آخرون على ما بعد الخرص والتضمين ( ينفذ التصرف في الرطب قبل الجفاف فيما عدا قدر الزكاة ) العلم بالخرص ويظهر الاكتفاء فيه حيث لا شاهدان به بالاستفاضة و ( العدالة ) وتأتي شروطها ، وحيث أطلقت أريد بها عدالة الشهادة لكن لأجل حكاية الخلاف صرح ببعض ما خرج بها فقال ( وكذا الحرية والذكورة في الأصح ) ؛ لأنه ولاية ، وليس من لم تكمل فيه شروط عدالة الشهادة أهلا لها . وشرطه
( فإذا ( فالأظهر أن حق الفقراء ) أي : المستحقين ومر حكمة تغليبهم ( ينقطع من عين الثمر ) بالمثلثة ( ويصير في ذمة المالك التمر ) بالمثناة ( والزبيب ) إن لم يتلفا بغير تقصير منه فإن تلفا بغير تقصير منه قبل التمكن من الأداء فلا ضمان عليه ( ليخرجهما بعد جفافه ) أي : كل منهما ؛ لأن الخرص مع التضمين يبيح له التصرف في الجميع وذلك يدل على انقطاع حقهم منه ( ويشترط ) في الانقطاع والصيرورة المذكورين ( التصريح ) من الساعي أو الخارص المحكم في الخرص ( بتضمينه ) أي حق الفقراء لنحو المالك كضمنتك إياه بكذا أو خذه بكذا ( وقبول المالك ) أو وليه أو وكيله للتضمين ( على المذهب ) ؛ لأن الانتقال من العين إلى الذمة يستدعي رضاهما ويأتي قريبا ما يعلم منه جواز خرص ) وضمن بل الكل . تضمين الساعي أحد شريكين قدر حقه
كما يجوز له أن يضمن زكاة حصة المسلم شريكه اليهودي [ ص: 259 ] كما يأتي وبحث أخذا من هذا ، ومن أنه يجوز له إخراجها من غيره أنه لو ضمن حصته أو أخرجها ثم اقتسما حل له التصرف في ماله ، وإن لم يخرج شريكه حصته بناء على أن القسمة إفراز قال غيره أو بيع ، وقد اقتسما بعد الجفاف للضرورة ؛ إذ لا يكلف بغيره مع صحة القسمة وتبعية الزكاة للمال ا هـ وفيه نظر ؛ إذ كلامهم كالصريح في امتناع فليحمل ذلك على ما إذا انقطع حقهم من عينه بتضمين صحيح ، ثم رأيت بعضهم أطلق بطلان القسمة وأن إخراج أحدهما قبلها أو بعدها حصته يشيع في المال كله فتبطل في حصة الشريك لعدم إذنه ، ولم يحسب للمخرج إلا الربع إن تناصفا وحينئذ لا يجوز له التصرف في شيء من المال لبقاء تعلق الزكاة بحصته ونظيره ما لو استقلال الملاك بالقسمة التي هي بيع بعد تعلق حق الزكاة يبطل في نصف كل لا في كل أحدهما ا هـ . باع شريك عبدين بغير إذن شريكه
وهذا كله مبني على ضعيف لما مر أن المنقول المعتمد أن الخلطة أي : شيوعا أو جوارا في الحيوان والمعشر وغيرهما كما صرحوا به تجعل المالين كالمال الواحد فيجوز لأحد الشريكين الإخراج من ماله ، ولو بغير إذن شريكه اكتفاء بإذن الشارع ويرجع على الشريك بحصته ما لم ينو التبرع وحينئذ فمتى أخرج أحد شريكين أو خليطين جاز له التصرف في قدر حقه كما لو ضمن قدر الزكاة تضمينا صحيحا ، ولا يجاب ساع طلب قسمة ما يجف أو غيره قبل القطع بأن يفرد الزكاة بالخرص في نخلة أو أكثر إن قلنا : القسمة بيع ، وإلا أجيب ، وكذا بعد القطع وقبل الجفاف وعلى المنع يقبض الساعي الواجب من المقطوع مشاعا بقبض الكل .
وبه يبرأ المالك ويملكه المستحقون بقبض نائبهم ثم يبيعه أو يبيعه هو والمالك ويقتسمان الثمن ، ويلزمه فعل الأحظ ، وليس له أخذ قيمة الواجب مع بقاء الثمرة أي : إلا باجتهاد أو تقليد صحيح كما علم مما مر في الخلطة ، فإن أتلفها المالك ، أو تلفت عنده بعد قطعها لزمه قيمة الواجب رطبا وقت التلف ذكره في المجموع قال : وفارق هذا ما مر في مسألة العراقيين بأنه ثم يلزمه إبقاؤها إلى الجفاف حتى يدفع الجاف فإذا قطع قبله فقد تعدى فلزمه الجاف ، وهنا لا إبقاء عليه ؛ لأن الفرض أنه خاف العطش فلم يلزمه الثمر بل له القطع ودفع الرطب فلم يلزمه غيره ، وفيه غموض فتأمله ( وقيل ينقطع ) حق الفقراء ( بنفس الخرص ) ؛ لأن التضمين لم يرد ، وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان [ ص: 260 ] لما يأتي أنه لا يضمن ما تلف بغير تقصير ( وإذا ضمن ) وقبل على الأول ( جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره ) ؛ لأنه ملكه بذلك ، ولم يبق لأحد تعلق به ، وهذا هو فائدة التضمين واستبعده الأذرعي في معسر يصرفه في دينه أو يأكله وبقاؤه في ذمته لا حظ لهم فيه وتبعه غيره فقال : إنما يضمنه حيث يرى المصلحة ، ولا مصلحة هنا فإن ظنها فاختلف ظنه باع الإمام جزءا من الثمر أو الشجر أي حيث لم يكن مرهونا وبحث بعضهم أنه متى أمكن الاستيفاء من الشجر أو غيره خرص عليه وضمنه ، وإلا فلا أما قبل الخرص والتضمين أو القبول فلا ينفذ تصرفه ببيع أو غيره إلا فيما عدا قدر الزكاة كما يأتي ، ومع ذلك يحرم عليه التصرف في شيء منها لتعلق الحق بها مع كون الشركة غير حقيقية ؛ لأن المغلب فيها جانب التوثق فحرم التصرف مطلقا [ ص: 261 ] وبهذا يعلم ضعف إفتاء غير واحد بأن للمالك قبل التضمين الأكل إذا نوى أنه يخرج الجاف ؛ لأن حق المستحقين شائع في كل ثمرة فكيف يجوز أكله بنية غرم بدله