( وهي نوعان أحدهما استطاعة مباشرة ولها شروط ) ظاهره بل صريحه كسائر كلامهم أنه لا عبرة بقدرة ولي على الوصول إلى مكة وعرفة في لحظة كرامة ، وإنما العبرة بالأمر الظاهر العادي فلا يخاطب ذلك الولي بالوجوب إلا إن قدر كالعادة ثم رأيت ما يصرح بذلك ، وهو ما سأذكره أواخر الرهن أنه لا بد في قبضه من الإمكان العادي نص عليه قال . القاضي أبو الطيب
وهذا يدل على أنه لا يحكم بما يمكن من كرامات الأولياء ولهذا لم يلحق من تزوج بمصر امرأة بمكة فولدت لستة أشهر من العقد وتعقبه الزركشي بكلام لابن الرفعة أولته بما حاصله حمله على أن الولي إذا فعل الشيء كرامة ترتب عليه حكمه كما لو حج هنا أما أنه يكلف بفعل يقدر عليه كرامة فلا لإطباقهم كما قال اليافعي على أنه ينبغي له التنزه عن قصد الكرامة وفعلها ما أمكنه ( ) حتى السفرة أي مثلا ( ومؤنة ) نفسه [ ص: 13 ] وغيرها مما يحتاج إليه في ( ذهابه وإيابه ) أي أقل مدة يمكن فيها ذلك بالسير المعتاد الآتي من بلده مع مدة الإقامة المعتادة أحدها وجود الزاد وأوعيته بمكة وهذا عام بعد خاص وحكمة ذكر الخاص وروده في الخبر الذي صححه جمع وضعفه آخرون { } . أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن السبيل في الآية فقال : الزاد والراحلة
( وقيل إن ) هم ممن تجب نفقتهم ( وعشيرة ) هي بمعنى أو ؛ لأن وجود أحدهما كاف في الجزم باشتراط ذلك وهم أقاربه مطلقا ( لم تشترط ) في حقه ( نفقة ) عبر بها بعد تعبيره بمؤنة ليبين أن المراد منهما واحد هو مفهوم المؤنة الأعم فاندفع اعتراضه بأن التعبير بالنفقة قاصر ( الإياب ) أي قدرته على مؤنة من الزاد والراحلة لاستواء كل البلاد إليه حينئذ ، وردوه بما في الغربة من الوحشة ومشقة فراق الوطن المألوف بالطبع ويؤخذ من ذلك أن الكلام فيمن له وطن ونوى الرجوع إليه أو لم ينو شيئا ويظهر ضبطه بما مر في الجمعة فمن لا وطن له وله لم يكن له ببلده أهل بالحجاز ما يقيته لا تعتبر في حقه مؤنة الإياب قطعا لاستواء سائر البلاد إليه وكذا من نوى الاستيطان بمكة أو قربها .
( ولو ) لم يجد ما ذكر لكن ( كان أي مرحلتان أو أكثر ( لم يكلف الحج ) ، وإن كان يكسب في كل يوم كفاية أيام ؛ لأن في اجتماع تعب السفر والكسب مشقة شديدة عليه ( وإن قصر ) سفره بأن كان دون مرحلتين من يكسب ) في السفر ( ما يفي بزاده ) وغيره من المؤن ( وسفره طويل ) مكة ( وهو يكسب في يوم ) أول من أيام سفره ووقع في نسخة في كل يوم ، وهي وهم ( كفاية أيام كلف ) السفر للحج مع الكسب فيه [ ص: 14 ] وإن نازع فيه الأذرعي وأطال لانتفاء المشقة حينئذ فعد مستطيعا وبحث ابن النقيب أن المراد بأيام أقل الجمع ، وهو ثلاثة والإسنوي أخذا من كلامهم .
وصرح به في الذخائر أن المراد أيام الحج وقدرها بما يقرب مما قدرها به في المجموع من أنها ما بين زوال سابع الحجة وزوال ثالث عشرة أي في حق من لم ينفر النفر الأول وكان وجه اعتبار زوال السابع وما بعده أي إن أراد الأفضل أنه يأخذ حينئذ في استماع خطبة الإمام وأسباب توجهه من الغدو إلى منى والثالث عشر أنه قد يريد الأفضل ، وهو إقامته بمنى وواضح أنه لا بد مع ذلك من قدرته على مؤنة أيام سفره إلى مكة ذهابا ورجوعا وخرج بقولنا أول قدرته على أن يكتسب بعده أو في الحضر ما بقي في الكل فلا يلزمه قصر السفر أو طال خلافا للإسنوي ؛ لأن تحصل سبب الوجوب لا يجب ومن ثم نقل الجوري الإجماع على أن اكتساب الزاد والراحلة لا يجب .
فإن قلت لم يتضح الفرق بين إلزامه الكسب في أول السفر لا في الحضر بل قد يتخيل أن إلزامه الكسب في الحضر أولى ؛ لأنه لا يجتمع عليه به مشقتا السفر والكسب بخلاف ذاك قلت بل الفرق ظاهر ؛ لأنه إذا قدر على الكسب أول سفره [ ص: 15 ] عد مستطيعا له ولا كذلك قدرته في الحضر ؛ لأنه لا يعد بها مستطيعا للسفر بل محصلا لسبب الاستطاعة بالسفر وقد تقرر أن تحصيل سبب الوجوب لا يجب فاتضح الفرق والإجماع المذكور وغلط من أخذ من هذا الإجماع أنه لا يجب اكتساب نحو الزاد سفرا ولا حضرا ويعتبر في العمرة القدرة على مؤنة ما يسنها غالبا ، وهو نحو نصف يوم مع مؤنة سفره