( ) إجماعا لربحه الميقات إذ لو أحرم بالحج أولا من ميقات بلده لاحتاج بعده إلا أن يحرم بالعمرة من أدنى الحل وبالتمتع لا يخرج من وعلى المتمتع دم مكة بل يحرم بالحج منها وبهذا يعلم أن الوجه فيمن كرر العمرة في أشهر الحج أنه لا يتكرر عليه ، وإن أخرج الدم قبل التكرر ؛ لأن ربحه الميقات بالمعنى الذي تقرر لم يتكرر والدم هنا وحيث أطلق شاة ، أو سبع بدنة ، أو بقرة مما يجزئ أضحية ( المسجد الحرام ) لقوله تعالى { بشرط أن لا يكون من حاضري ذلك } أي : ما ذكر من الهدي والصوم عند فقده { لمن } أي : على من { لم يكن أهله } أي : وطنه { حاضري المسجد الحرام } وقيل الإشارة لحل الاعتمار في أشهر الحج فيمتنع على حاضريه في أشهره ، وهو بعيد من سياق الآية كما هو ظاهر .
( وحاضروه [ ص: 151 ] من ) استوطنوا بالفعل لا بالنية حالة الإحرام لا بعده سواء أكان الإحرام بقرب مكة أم لا جاوز الميقات مريدا للنسك أم لا على المعتمد من اضطراب طويل في ذلك بينته في الحاشية وغيرها محلا ( دون مرحلتين ) بخلاف من بمرحلتين ، أو أكثر ؛ لأن من على دون مسافة القصر من موضع كالحاضر فيه بل يسمى حاضرا له قال تعالى { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } أي : أيلة ، وهي ليست في البحر بل قريبة منه وتعتبر المسافة ( من مكة ) ؛ لأن المسجد الحرام في الآية غير مراد به حقيقة اتفاقا وحمله على مكة أقل تجوزا من حمله على جميع الحرم ( قلت الأصح ) اعتبارها ( من الحرم والله أعلم ) ؛ لأن الأغلب في القرآن استعمال المسجد الحرام في الحرم ومن له مسكنان قريب من الحرم وبعيد منه اعتبر ما مقامه به أكثر ثم ما به أهله وماله دائما ثم أكثر ثم ما به أهله كذلك ثم ما به ماله كذلك ثم ما قصد الرجوع إليه ثم ما خرج منه ثم ما أحرم منه وأهله حليلته [ ص: 152 ] ومحاجيره دون نحو أب وأخ .
ولو لزمه دمان على المنقول المعتمد خلافا لجمع لاختلاف موجبي الدمين فلم يمكن التداخل وعلى الضعيف الذي انتصر له كثيرون وأطالوا فيه نقلا ومعنى أن الحاضر من بالحرم ، أو قربه حالة الإحرام بالعمرة ، أو بهما فلا يلزمه إلا دم ؛ لأنه حال القران ملحق بالحاضرين ( وأن ) تمتع ثم قرن من عامه وما بعدها من الأعمال ( وفي أشهر الحج ) ؛ لأن الجاهلية كانوا يعدونها فيها من أفجر الفجور فرخص الشارع في وقوعها فيها دفعا للمشقة عن نحو غريب قدم قبل عرفة بزمن طويل بعدم استدامته إحرامه بل يتحلل بعمل عمرة مع الدم ومن ثم لو نوى ( تقع عمرته ) أي : نية الإحرام بها لم يلزمه دم مع أنه متمتع كمن أتى بها كلها قبل أشهر الحج على المشهور كما قاله الإحرام بالعمرة مع آخر جزء من رمضان وأتى بأعمالها كلها في شوال الرافعي ومر ما يعلم منه أن هذا لا ينافي كونه من صور الإفراد الأفضل وأن يكون وقوعها في أشهر الحج ( من سنته ) أي : الحج .
فلو فلا دم كما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم بسند حسن ( اعتمر في سنة وحج في أخرى ) الذي أحرم منه بالعمرة إحراما جائزا كأن لم يخطر له إلا قبيل دخول الحرم كما شمله كلامهم وإلحاق بعضهم به آفاقيا وأن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات بمكة خرج منها لأدنى الحل وأحرم بالعمرة ثم فرغ منها وأحرم بالحج من مكة وخرج لأدنى الحل فلا دم عليه ليس في محله ؛ لأن المراد بالميقات ميقات الآفاقي وما ألحق به لا المكي كما صرحوا به وبينته في شرح العباب ، أو مثل مسافته [ ص: 153 ] أو ميقات آخر غيره ، أو مرحلتين من مكة وأما ما في الروضة فيما لو عاد لميقات أقرب ينفعه العود ؛ لأنه أحرم من موضع ليس ساكنوه من حاضري الحرم المقتضي أنه لا يجزئ العود لذات عرق ، أو قرن ، أو يلملم على مرجحه أن المسافة في الحاضر من الحرم فغير مراد فيما يظهر ؛ لأن هذا التعليل جرى على طريقة الرافعي ولا يلزم من ضعفه ضعف المعلل فتأمله .
ويفرق بين اعتبارهما هنا من مكة وثم من الحرم برعاية التخفيف فيهما المناسب لكون التمتع مأذونا فيه ، فإن عاد ولو بعد دخول مكة لواحد من ذلك محرما بالحج قبل الوقوف ، أو أحرم منه به فلا دم للتمتع ؛ لأن موجبه ربح الميقات ولا ربح حينئذ ، وإنما لم يكف المسيء بالمجاوزة العود لأقرب تغليظا عليه لتعديه وخرج بقولي للتمتع ما لو ، فإن الذي عليه حينئذ هو دم القران لا التمتع [ ص: 154 ] ( تنبيهان ) أحدهما كما تعتبر هذه الشروط للدم تعتبر في وجه لتسميته متمتعا ، فإن فات شرط كان إفرادا والأصح أنها لا تعتبر للتسمية ومن ثم قال أصحابنا يصح عاد قبل أعمال العمرة ثم أحرم بالحج خلافا التمتع والقران من المكي رضي الله عنه ثانيهما الموجب للدم حقيقة هو ما ذكر في الشرط الثاني وأما ما خرج ببقية الشروط فهو كالمستثنى منه لأبي حنيفة