( فصل )
في خيار الشرط وتوابعه بأن يتلفظ هو به إذا كان هو المبتدئ بالإيجاب أو القبول ويوافقه الآخر من غير تلفظ به وحينئذ فلا اعتراض على قوله [ ص: 342 ] ولأحدهما بل ولا يستغنى عنه خلافا لمن زعمه وأما إذا ( لهما ) أي العاقدين بأن يتلفظ كل منهما بالشرط ( ولأحدهما ) على التعين لا الإبهام فيبطل العقد لعدم المطابقة ومر ما يعلم منه أن لهما ولأحدهما إن وافقه الآخر في زمن جواز العقد لخيار مجلس أو شرط إلحاق شرط صحيح لأنه حينئذ كالواقع في صلب العقد ( شرط الخيار ) لهما ولأحدهما ولأجنبي كالقن المبيع اتحد المشروط له أو تعدد ولو مع شرط أن أحدهما يوقعه لأحد الشارطين والآخر للآخر والأوجه اشتراط تكليف الأجنبي لا رشده وأنه لا يلزمه فعل الأحظ بناء على أن شرط الخيار تمليك له وهو الأوجه أيضا وعليه يكفي عدم الرد فيما يظهر لأنه ليس تمليكا حقيقيا وأن قوله على أن أشاور يوما مثلا صحيح ويكون شارطا الخيار لنفسه ( في أنواع البيع ) التي يثبت فيها خيار المجلس إجماعا ولما صح أن بعض شرط المتأخر قبوله أو إيجابه الأنصار وهو حبان بفتح أوله وبالموحدة ابن منقد أو منقذ بالمعجمة والده روايتان جزم بكل جماعة وهما صحابيان كان يخدع في البيوع فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى أنه يقول عند البيع لا خلابة وأعلمه أنه إذا قال ذلك كان له خيار ثلاث ليال ومعناها وهي بكسر المعجمة وبالموحدة لا غبن ولا خديعة ومن ثم اشتهرت في الشرع لاشتراط الخيار ثلاثا فإن ذكرت وعلما معناها ثبت ثلاثا وإلا فلا .
واعترض الإسنوي وغيره المتن بأنه لم يبين المشروط له الخيار فأوهم وهو عجيب فإن من قواعدهم أن حذف المعمول يفيد العموم الذي قررته [ ص: 343 ] بل وصحة ما ذهب إليه الروياني مخالفا لوالده من جوازه لكافر في نحو مسلم مبيع ولمحرم في صيد إذ لا إذلال ولا استيلاء في مجرد الإجازة والفسخ وما قررته من هذا الجواب الواضح المفيد لشمول المتن لهذه المسائل أولى من جواب المنكت بأن المجرور متعلق بالخيار المضاف للمبتدإ المخبر عنه بالجار والمجرور بعده إذ فيه من التكلف والقصور ما لا يخفى وإذا شرط لأجنبي لم يثبت لشارطه له إلا إن مات الأجنبي في زمنه فينتقل لشارطه ولو وكيلا ولو مات العاقد انتقل لوارثه ما لم يكن العاقد وليا وإلا فللقاضي كما هو ظاهر أو وكيلا وإلا فلموكله . وليس لوكيل شرطه لغير نفسه وموكله إلا بإذنه
ويظهر أن سكوته على شرط المبتدئ كشرطه خلافا لزعم بعضهم أن مساعدة الوكيل بأن تأخر لفظه عن اللفظ المقترن بالشرط ليست كاشتراطه [ ص: 344 ] وذلك لأن المحذور إضرار الموكل وهو حاصل بشرطه وسكوته كما هو واضح واعلم أن خيار المجلس والشرط متلازمان غالبا قد يثبت ذاك لا هذا ولا عكس كما أفاده قوله ( إلا أن يشترط القبض في المجلس ) من الجانبين ( كربوي ) أو من أحدهما كإجارة ذمة بناء على الضعيف أن خيار المجلس يثبت فيها ( وسلم ) لامتناع التأجيل فيهما ، والخيار لمنعه الملك أو لزومه أعظم غررا منه ولا يجوز شرطه أيضا في شراء من يعتق عليه للمشتري وحده لاستلزامه الملك له المستلزم لعتقه المانع من الخيار وما أدى ثبوته لعدمه كان باطلا من أصله بخلاف شرطه لهما لوقفه أو للبائع لأن الملك له كما يأتي ولا في البيع الضمني ولا فيما يتسارع إليه الفساد في المدة المشروطة لأن قضية الخيار التوقف عن التصرف فيه فيؤدي لضياع ماليته ولا ثلاثا للبائع في المصراة لأدائه لمنع الحلب المضر بها ، وطرد الأذرعي له في كل حلوب يرد بأنه لا داعي هنا لعدم الحلب بخلافه ثم فإن ترويجه للتصرية التي قصدها بمنعه من الحلب وإن كان اللبن ملكه ويظهر أن شرطه فيها لهما كذلك وأن مثل الثلاث ما قاربها مما من شأنه أن يضر بها فإن قلت كيف يعلم المشتري تصريتها حتى يمتنع عليه شرط ذلك للبائع أو يوافقه عليه قلت يحمل ذلك على ما إذا ظن التصرية ولم يتحققها أو المراد أن إثم ذلك يختص بالبائع أو أن بظهور التصرية يتبين فساد الخيار وما يترتب عليه من فسخ أو إجازة ولو تكرر بيع كافر لقنه المسلم بشرط الخيار [ ص: 345 ] وفسخه ألزمه الحاكم بيعه بتا .
( وإنما يجوز ) شرطه ( في مدة معلومة ) لهما كإلى طلوع شمس الغد وإن لم يقل إلى وقته لأن الغيم إنما يمنع الإشراق لا الطلوع أو إلى ساعة وهل تحمل على اللحظة أو الفلكية إن عرفاها محل نظر ويتجه أنهما إن قصدا الفلكية أو عرفاها حمل عليها وإلا فعلى لحظة أو إلى يوم ويحمل على يوم العقد فإن عقد نصف النهار مثلا فإلى مثله وتدخل الليلة للضرورة وإنما لم يحمل اليوم في الإجارة على ذلك لأنها أصل والخيار تابع فاغتفر في مدته ما لم يغتفر في مدتها أو نصف الليل انقضى بغروب شمس اليوم الذي يليه كما في المجموع .
واعترض نقلا ومعنى بأنه لا بد هنا من دخول بقية الليل وإلا صارت المدة منفصلة عن الشرط ويجاب بأنه وقع تابعا فدخل من غير تنصيص عليه وكما دخلت الليلة فيما مر من غير نص عليها لأن التلفيق يؤدي إلى الجواز بعد اللزوم فكذا بقية الليل هنا لذلك بجامع أن التنصيص على الليل فيهما ممكن فلزم من قولهم بعدم وجوبه ثم قولهم بعدمه هنا وكون طرفي اليوم الملفق يحيطان بالليلة ثم لا هنا لا يؤثر ،
أما شرطه مطلقا أو في مدة مجهولة كمن التفرق أو إلى الحصاد أو العطاء أو الشتاء ولم يريدا الوقت المعلوم فمبطل للعقد لما فيه من الغرر وإنما يجوز في مدة متصلة بالشرط وإلا لزم جوازه بعد لزومه وهو ممتنع [ ص: 346 ] متوالية ( لا تزيد على ثلاثة أيام ) لأن الأصل امتناع الخيار إلا فيما أذن فيه الشارع ولم يأذن إلا في الثلاثة فما دونها بقيودها المذكورة فبقي ما عداها على الأصل بل روى { عبد الرزاق أنه صلى الله عليه وسلم أبطل بيعا شرط فيه الخيار أربعة أيام } فإن قلت إن صح فالحجة فيه واضحة وإلا فالأخذ بحديث الثلاثة أخذ بمفهوم العدد والأكثرون على عدم اعتباره قلت محله إن لم تقم قرينة عليه وإلا وجب الأخذ به وهي هنا ذكر الثلاثة للمغبون السابق إذ لو جاز أكثر منها لكان أولى بالذكر لأن اشتراطه أحوط في حق المغبون فتأمله وإنما بطل لشرط الزيادة ولم يخرج على تفريق الصفقة لأن إسقاط الزيادة يستلزم إسقاط بعض الثمن فيؤدي لجهله وتدخل ليالي الأيام الثلاثة المشروطة سواء السابق منها على الأيام والمتأخر