( والرد على الفور ) إجماعا ومحله في المبيع المعين فإن لم يلزمه فور لأن الأصح أنه لا يملكه إلا بالرضا بعيبه ولأنه غير معقود عليه ولا يجب فور في طلب الأرش أيضا كما بحثه قبض شيئا عما في الذمة [ ص: 368 ] بنحو بيع أو سلم فوجده معيبا ابن الرفعة لأن أخذه لا يؤدي إلى فسخ العقد ولا في حق جاهل بان له الرد وعذر بقرب إسلامه وهو ممن يخفى عليه بخلاف من يخالطنا من أهل الذمة أو بنشئه بعيدا عن العلماء أو بان الرد على الفور إن كان عاميا يخفى على مثله .
قال السبكي أو جهل ولا بد من يمينه في الكل ولا في مشتر شقصا مشفوعا والشفيع حاضر فانتظره هل يشفع أو لا ولا في مبيع آبق تأخر مشتريه لعوده فله رده إذا عاد وإن صرح بإسقاطه ومر أنه لا أرش له ولا إن قال له البائع أزيل عنك العيب وأمكن في مدة لا تقابل بأجرة كما يأتي في نقل الحجارة المدفونة ولا في مشتر زكويا قبل الحول فوجد به عيبا قديما ومضى حول من الشراء فله التأخير لإخراج الزكاة من غيره لعدم تمكنه من الرد قبله لأن تعلق الزكاة به عنده عيب حدث ولا في مشتر آجر ثم علم بالعيب ولم يرض البائع به مسلوب المنفعة فله التأخير إلى انقضاء مدة الإجارة أو شرع في الرد بعيب لعجز عن إثباته فانتقل للرد بعيب آخر فله لعذره باشتغاله بالأول وإذا وجب الفور ( فليبادر على العادة ) [ ص: 369 ] ولا يؤمر بعدو ولا ركض ( فلو ( فله ) الشروع فيه عقب ذلك وإلا بطل رده كما أفهمه قولهم لو علمه وقد دخل وقت هذه الأمور واشتغل بها وبعد شروعه فيه له ( تأخيره ) أي الرد ( حتى يفرغ ) من ذلك على وجهه الكامل لعذر كالشفعة ولأجل ذلك أجري هنا ما قالوه ثم وعكسه ولا يضر سلامه على البائع بخلاف محادثته ولا لبس ما يتجمل به ولا التأخير لنحو مطر شديد على الأوجه ويظهر أنه يكفي ما يبل الثوب ( أو ) علمه وهو يصلي ) ولو نفلا ( أو ) وهو ( يأكل ) ولو تفكها فيما يظهر أو وهو في نحو حمام أو خلاء أو قبل ذلك وقد دخل وقته ف ) له التأخير ( حتى يصبح ) لعذره بكلفة السير فيه ومن ثم لو أمكنه السير فيه من غير كلفة لزمه ( فإن كان البائع بالبلد رده ) المشتري ( عليه بنفسه أو وكيله ) ما لم يحصل بالتوكيل تأخير مضر ولولي المشتري ووارثه الرد أيضا كما هو ظاهر ( أو ) رده ( على ) موكله أو وارثه أو وليه أو ( وكيله ) بنفسه أو وكيله كما أفاده سياقه فساوت عبارته عبارة أصله خلافا لمن فرق وذلك لأنه قائم مقامه ( ولو علمه ( ليلا فهو آكد ) في الرد لأنه ربما أحوجه إلى الرفع إليه [ ص: 370 ] ومحل التخيير بين البائع ووكيله والحاكم ما لم يمر على أحدهم قبل وإلا تعين نعم لو مر على أحد الأولين قبل ولم يكن ثم من يشهده جاز له التأخير إلى الحاكم لأن أحدهما قد يجحده ولا يدعي عنده لأن غريمه بالبلد بل يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه ويفعل ذلك ولو عند من لا يرى القضاء بالعلم لأنه يصير شاهدا له على أن محله لا يخلو غالبا عن شهود ( وإن تركه ) أي المشتري أو وكيله من ذكر من البائع ووكيله الحاضرين ( ورفع الأمر إلى الحاكم ( رفع ) الأمر ( إلى الحاكم ) كان ) البائع ( غائبا ) عن البلد ولا وكيل له بها
[ ص: 371 ] ولا يؤخره لحضوره فيقول اشتريته من فلان الغائب بثمن كذا ثم ظهر به عيب كذا ويقيم البينة على ذلك كله ويحلفه أن الأمر جرى كذلك ؛ لأنه قضاء على غائب ثم يفسخ ويحكم له بذلك فيبقى الثمن دينا عليه إن قبضه ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل ويعطيه الثمن من غير المبيع إن كان وإلا باعه فيه بخلافه فيما يأتي لأن القاضي ليس بخصم فيؤتمن بخلاف البائع واستثنى وليس للمشتري حبس المبيع بعد الفسخ إلى قبضه الثمن السبكي كابن الرفعة هذا من القضاء على الغائب فجوزاه مع قرب المسافة كما اقتضاه إطلاقهم هنا وخالفهما الأذرعي فقال وتبعه الزركشي يرفع حينئذ للفسخ عنده لا للقضاء وفصل الأمر ( والأصح أنه ) إذا ( يلزمه الإشهاد ) ويكفي واحد ليحلف معه على الأوجه ( على الفسخ ) ولا يكفي على طلبه وإن اقتضاه كلام عجز عن الإنهاء لمرض مثلا أو أنهى وأمكنه في الطريق الإشهاد الرافعي واعتمده جماعة لقدرته على الفسخ بحضرة الشهود فتأخيره حينئذ يشعر بالرضا به وإنما لم يلزم الشفيع الإشهاد على الطلب إذا سار إلى أحدهما لأنه لا يستفيد به الأخذ وإنما القصد منه إظهار الطلب والسير يغني عنه وهنا لقصد رفع ملك الراد وهو يستقل به بالفسخ بحضرة الشهود فإذا تركه أشعر برضاه ببقائه في ملكه ويلزمه الإشهاد عليه أيضا حال توكيله أو عذره لنحو مرض أو غيبة عن بلد المردود عليه وخوف من عدو .
وقد عجز عن التوكيل في الثلاث [ ص: 372 ] وعن المضي إلى المردود عليه والرفع إلى الحاكم أيضا في الغيبة وإنما يلزمه الإشهاد في تلك الصور ( إن أمكنه ) وحينئذ يسقط عنه الفور لعوده لملك البائع بالفسخ فلا يحتاج إلى أن يستمر ( حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم ) إلا لفصل الأمر وحينئذ لا يبطل رده بتأخيره ولا باستخدامه لكنه يصير به متعديا وإنما حملت المتن على ما قررته تبعا لجمع محققين ؛ لأنه صحح أنه يشهد على الفسخ لا طلبه وبعد الفسخ لا وجه لوجوب فور ولا إنهاء وزعم أن الاكتفاء بالإشهاد إنما هو عند تعذر الخصم والحاكم ممنوع وحينئذ فمعنى إيجاب الإشهاد في حالتي العذر وعدمه أنه عند العذر يسقط الإنهاء ويجب تحري الإشهاد إن أمكنه وعند عدمه هو مخير بينه وبين الإنهاء [ ص: 373 ] وحينئذ يسقط الإشهاد أي تحريه فلا ينافي وجوبه لو صادفه شاهد ، هذا ما يظهر في هذا المقام والجواب بغير ذلك فيه نظر ظاهر للمتأمل ( فإن عجز عن الإشهاد لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح ) لأنه يبعد لزومه من غير سامع فيؤخره إلى أن يأتي به عند المردود عليه أو الحاكم لعدم فائدته قبل ذلك بل فيه ضرر عليه فإن المبيع ينتقل به لملك البائع فيتضرر ببقائه عنده