( فصل ) في بعض أحكام الوكالة بعد صحتها وهي ما للوكيل وعليه عند الإطلاق وتعيين الأجل وشراؤه للمعيب [ ص: 315 ] وتوكيله لغيره ( ) حال كون البيع ( مطلقا ) في التوكيل بأن لم ينص له على غيره أو حال كون التوكيل المفهوم من الوكيل مطلقا أي غير مقيد بشيء ويصح كونه صفة لمصدر محذوف أي توكيلا مطلقا ( ليس له البيع بغير نقد البلد ) الذي وقع فيه البيع بالإذن وإلا بأن الوكيل بالبيع لم يجز له بيعه إلا بنقد البلد المأذون فيها والمراد بنقد البلد ما يتعامل به أهلها غالبا نقدا كان أو عرضا لدلالة القرينة العرفية عليه فإن تعدد لزمه بالأغلب فإن استويا فبالأنفع وإلا تخير أو باع بهما وبحث سافر بما وكل في بيعه لبلد بلا إذن الزركشي وغيره أن محل الامتناع بالعرض في غير ما يقصد للتجارة وإلا جاز به كالقراض وبما قررته في معنى مطلقا اندفع ما قيل كأن يقول بمطلق البيع فإنه ينبغي أن صورته أن يقول بع بكذا ولا يتعرض لبلد ولا أجل ولا نقد بخلاف البيع المطلق لتقيد البيع بقيد الإطلاق وإنما المراد البيع لا بقيد ا هـ ووجه اندفاعه أن مطلقا كما علم مما قررته فيه ليس من لفظ الموكل حتى يتوهم أنه قيد في البيع وإنما هو بيان لما وقع منه من عدم التقييد بأن لم ينص له على ذات ثمن أصلا أو على صفته كبع هذا وكبعه بألف فمعنى الإطلاق في هذا الإطلاق في صفاته فاندفع قوله فإن صورته إلى آخره وكذا ما رتبه عليه فإن قلت كيف يأتي قوله ولا بغبن في الأولى قلت لأن الثمن فيها يتقدر بثمن المثل كما أفاده قوله في عدل الرهن ولا يبيع إلا بثمن المثل حالا من نقد البلد فيصير كأنه منصوص عليه فلا ينقص عنه نقصا فاحشا ( ولا بنسيئة ) ولو بثمن المثل لأن المعتاد غالبا الحلول مع الخطر في النسيئة ويظهر أنه لو وكذا لو وكله وقت الأمن ثم عرض النهب لأن القرينة قاضية قطعا برضاه بذلك وكذا لو وكله وقت نهب جاز له البيع نسيئة لمن يأتي إذا حفظ به عن النهب فله البيع نسيئة حينئذ فيما يظهر أيضا ثم رأيت ما سأذكره آخر مهر المثل عن قال له بعه ببلد أو سوق كذا [ ص: 316 ] وأهله لا يشترون إلا نسيئة وعلم الوكيل أن الموكل يعلم ذلك السبكي كالعمراني أن وهو يؤيد ما ذكرته لكن سيأتي فيه كلام لا يبعد مجيئه هنا ( ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالبا ) في المعاملة كدرهمين في عشرة لأن النفوس تشح به بخلاف اليسير كدرهم فيها نعم قال الولي يجوز له العقد بمؤجل اعتيد ابن أبي الدم العشرة إن تسومح بها في المائة فلا يتسامح بالمائة في الألف .
قال فالصواب الرجوع للعرف ويوافقه قولهما عن الروياني أنه يختلف بأجناس الأموال لكن قوله في البحر أن اليسير يختلف باختلاف الأموال فربع العشر كثير في النقد والطعام ونصفه يسير في الجواهر والرقيق ونحوهما فيه نظر ولعل ذلك باعتبار عرف زمنه وإلا فالأوجه أنه يعتبر في كل ناحية عرف أهلها المطرد عندهم المسامحة به ولو باع بثمن المثل وهناك راغب أو حدث في زمن الخيار يأتي هنا جميع ما مر في عدل الرهن وأفهم قوله ليس له إلى آخره بطلان تصرفه فمن ثم فرع عليه قوله ( فلو باع ) بيعا مشتملا ( على ) أو هي بمعنى مع ( أحد هذه الأنواع وسلم المبيع ضمنه ) للحيلولة بقيمته يوم التسليم ولو في المثلي لتعديه بتسليمه لمن لا يستحقه ببيع باطل فيسترده إن بقي وحينئذ له بيعه بالإذن السابق وقبض الثمن ويده أمانة [ ص: 317 ] عليه وإن لم يبق فهو طريق وقرار الضمان على المشتري فيضمن المثلي بمثله والمتقوم بقيمته وبما قررته في التفريع اندفع ما قيل كان ينبغي أن يقول لم يصح ويضمن
( فإن ) لم يطلق اتبع تعيينه ففي بع بما شئت أو تيسر له غير نقد البلد لا بنسيئة ولا غبن لأن ما للجنس وصرح جمع بجوازه بالغبن واعتمده السبكي وغيره لأنه العرف ما لم تدل قرينة على خلافه أو بعه كيف شئت جاز بنسيئة فقط لأن كيف للحال فشمل الحال والمؤجل أو بكم شئت جاز بالغبن فقط لأن كم للعدد القليل والكثير أو بما عز وهان جاز غير النسيئة لأن ما للجنس فقرنها بما بعدها يشمل عرفا القليل والكثير من نقد البلد وغيره وظاهر كلامهم أنه لا فرق في هذه الأحكام بين النحوي وغيره وهو محتمل لأن لها مدلولا عرفيا فيحمل لفظه عليه وإن جهله وليس كما يأتي في الطلاق في أن دخلت بالفتح لأن العرف في غير النحوي ثم لا فرق نعم قياس ما يأتي في النذر أنه لو ادعى الجهل بمدلول ذلك من أصله صدق إن شهدت قرائن حاله بذلك ولو لم يكن إذنا في التوكيل لاحتماله ما شئت من التوكيل وما شئت من التصرف فيما أذن له فيه فلا يوكل بأمر محتمل كما لا يهب كذا قالوه وعليه فهل يؤخذ منه أن له البيع بعرض أو غبن أو نسيئة أو لا [ ص: 318 ] فلا يجوز له شيء من ذلك لما تقرر من احتمال لفظه ولما فيه من الغرر فليكن قوله ما شئت لغوا كل محتمل والثاني أقرب ويتردد النظر في بأي شيء شئت وبمهما شئت ولو قيل إنهما مثل بما شئت لم يبعد قال لوكيله في شيء افعل فيه ما شئت أو كل ما تصنع فيه جائز