( و ) إلا واندباغه وآثر الأول لأنه الغالب ( ظاهره ) وهو ما لاقاه الدباغ ( وكذا باطنه ) وهو ما لم يلاقه [ ص: 308 ] من أحد الوجهين أو ما بينهما ( على المشهور ) للأخبار الصحيحة فيه كخبر { ( جلد نجس بالموت ) خرج به جلد المغلظ ( فيطهر بدبغه ) } ودعوى أن إذا دبغ الإهاب فقد طهر لا يصل لباطنه ممنوعة بل يصلحه بواسطة الرطوبة فيجوز بيعه والصلاة فيه واستعماله في الرطب نعم يحرم أكله من مأكول لانتقاله لطبع الثياب ولا يطهر شعره إذ لا يتأثر بالدباغ لكن يعفى عن قليله عرفا فيطهر حقيقة تبعا كدن الخمر واختار كثيرون طهارة جميعه ؛ لأن الصحابة قسموا الفراء وهي من دباغ المجوس وذبحهم ولم ينكره أحد بل نقل جمع أن الدباغ رجع عن الشافعي ويجاب بأن الرجوع لم يصح والاختيار لم يتضح ؛ لأنها واقعة حال فعلية محتملة ذبح المجوس من حيث الجنس وهو لا يؤثر إلا إن شوهد في شيء بعينه فعلى مدعي ذلك إثباته ومن ثم علم ضعف ما مال إليه غير واحد وإن ألف فيه بعضهم من منع الصلاة في تنجس شعر الميتة وصوفها لأنه لا يذبح ذبحا صحيحا بل الصواب حلها ؛ لأن ذلك لم يعلم في شيء بعينه مطلقا فهو من باب ما غلب تنجسه يرجع لأصله وكذا يقال في نظائر ذلك كالجبن الشامي المشتهر عمله بإنفحة الخنزير ، وقد { فراء السنجاب جاءه صلى الله عليه وسلم جبنة من عندهم فأكل منها ولم يسأل عن ذلك } ( والدبغ نزع فضوله ) أي هو حقيقته أو المقصود منه والاندباغ انتزاعها وهو ما يعفنه من نحو لحم ودم ( بحريف ) وهو ما يلذع اللسان بحرافته [ ص: 309 ] كقرظ وشب بالموحدة وشث بالمثلثة وذرق طير للخبر الحسن يطهرها أي الميتة الماء والقرظ وضابط نزعها منه أن يكون بحيث لو نقع في الماء لم يعد إليه النتن وهو مراد من عبر بالفساد أو هو أعم ليشمل نحو شدة تصلبه وسرعة بلائه لكن في إطلاق ذلك نظر .
والذي يتجه أن ما عدا النتن إن قال خبيران إنه لفساد الدبغ ضر وإلا فلا ؛ لأنا نجد ما اتفق على إتقان دبغه يتأثر بالماء فلا ينبغي النظر لمطلق التأثر به بل لتأثر يدل على فساد الدبغ ( لا شمس وتراب ) وملح وإن لأنها لم تزل لعود عفونته بنقعه في الماء ( ولا يجب الماء ) وفي نسخة ماء ( في أثنائه ) أي الدبغ ( في الأصح ) لأنه إحالة لا إزالة والمقصود يحصل برطب غيره ، وذكر الماء في الخبر السابق شرط لحصول الطهارة الكاملة لا لأصلها بدليل حذفه من الحديث الأول ( والمدبوغ كثوب نجس ) أي متنجس لملاقاته للدباغ النجس أو الذي تنجس به قبل طهر عينه فيجب غسله بماء طهور مع التتريب والتسبيع إن أصابه مغلظ وإن سبع وترب قبل الدبغ ؛ لأنه حينئذ لا يقبل الطهارة . جف وطاب ريحه