( فصل ) في الحكم بإسلام اللقيط وغيره وكفرهما بالتبعية
( إذا ) ومنها ما علم أنه مسكن المسلمين ولو في زمن قديم فغلب عليه الكفار وجد لقيط بدار الإسلام كقرطبة نظرا لاستيلائنا القديم لكن نقل الرافعي عن بعض المتأخرين أن محله إن لم يمنعونا منها وإلا فهي دار كفر وأجاب عنه السبكي بأنه يصح أن يقال إنها صارت دار كفر صورة لا حكما ويأتي ذلك مع زيادة في الأمان ( و ) إن كان ( فيها أهل ذمة ) أو عهد ( أو بدار فتحوها ) أي المسلمون ( وأقروها بيد كفار صلحا ) أي على وجهه وإن لم يملكوها ( أو ) وجد بدار أقروها بيدهم ( بعد ملكها بجزية وفيها ) أي الدار في المسائل الثلاث حتى الأولى كما قاله الدارمي وإن نظر فيه غيره والأخيرتان دارا إسلام كما قالاه خلافا لما قد يتوهم من المتن وإن نظر السبكي في الثانية ( مسلم ) يمكن كونه منه ولو مجتازا ( حكم [ ص: 351 ] بإسلام اللقيط ) تغليبا لدار الإسلام لخبر وغيره { أحمد } قال الإسلام يعلو ولا يعلى عليه الماوردي وحيث لا ذمي ثم فمسلم باطنا أيضا وإلا فظاهرا فقط .
أما إذا لم يكن ثم مسلم يمكن كونه منه فهو كافر واكتفى هنا بالمجتاز تغليبا لحرمة دارنا بخلافه في قوله ( وإن فكافر إن لم يسكنها مسلم ) ولا عبرة باجتيازه فيها ( وإن سكنها مسلم ) يمكن كونه منه ( كأسير ) منتشر ( وتاجر فمسلم في الأصح ) تغليبا للإسلام فإن نفاه ذلك المسلم قبل في نسبه دون إسلامه وبحث وجد بدار كفار الأذرعي أن المراد بالسكنى هنا ما يقطع حكم السفر قال بل ينبغي الاكتفاء بلبث يمكن فيه الوقاع وأن ذلك الولد منه بخلاف من ولد بعد طروقه بنحو شهر لاستحالة كونه منه قال وقضية إطلاقهم أنه لو حكم بإسلامهم وهذا إن كان لأجل تبعية الإسلام كالسابي فذاك أو لإمكان كونه منه ولو على بعد وهو الظاهر ففيه نظر ولا سيما إذا كان المسلم الموجود امرأة انتهى وأنت خبير من اكتفائهم في دارنا بالمجتاز وفي دارهم بالسكنى أنه لا يكتفى في دارهم إلا بالإمكان القريب عادة وحينئذ فمتى أمكن كونه منه إمكانا قريبا عادة فمسلم وإلا فلا وهذا أوجه مما ذكره كان بمصر عظيم بدار حرب ووجد فيه كل يوم ألف لقيط مثلا الأذرعي فتأمله .
ويفرق بين الدارين بأن شرف الأولى اقتضى الاكتفاء فيها بالإمكان وإن بعد فدخل المجتاز بخلاف الثانية فاشترط فيها قرب الإمكان وهو إنما يوجد عند السكنى لا الاجتياز ( ومن حكم بإسلامه بالدار ) كان حيث لا ذمي ثم مسلما باطنا أيضا كما مر فإذا بلغ وأفصح بالكفر كان مرتدا وحيث ثم ذمي مسلما ظاهرا فقط فإذا بلغ وأفصح بالكفر فكافر أصلي لضعف الدار والتعبير بذمي هنا وفيما مر هو ما وقع في كلام شارح والظاهر أنه مثال وعن جد شارح التعجيز بأنه لو وجد ببرية فمسلم وخصه غيره بما إذا كانت بدارنا أو لا يد لأحد عليها ومن لحقه ) ؛ لأنه كالمسلم في النسب ( وتبعه في الكفر ) وارتفع ما ظنناه من إسلامه ؛ لأن الدار حكم باليد والبينة أقوى من مجرد يد وتصور علوقه من مسلمة بوطء شبهة نادر لا يعول عليه مع البينة وشملت البينة محض النسوة وخرج بها إلحاق القائف وقد حكى حكم بإسلامه بالدار ( فأقام ذمي ) [ ص: 352 ] أو حربي ( بينة بنسبه الدارمي فيها وجهين والذي يتجه اعتبار إلحاقه ؛ لأنه حكم فهو كالبينة بل أقوى وفي النسوة أنه إن ثبت بهن النسب تبعه في الكفر وإلا فلا ( وإن اقتصر ) الكافر ( على الدعوى ) بأنه ابنه ولا حجة له ( فالمذهب أنه لا يتبعه في الكفر ) وإن لحقه نسبه ؛ لأن الحكم بإسلامه لا يغير بمجرد دعوى كافر مع إمكان تلك الشبهة النادرة ومحل ذلك إن لم يصدر منه نحو صلاة وإلا لم يغير عن حكم الإسلام قطعا ويحال بينهما وجوبا وكذا ندبا إن قلنا يتبعه في الكفر كمميز أسلم ( تنبيه )
مقتضى حكمهم بإسلام اللقيط تارة وكفره أخرى أن وهو ظاهر وأما ما قيل لا يجوز لقاض أن يحكم بكفر أحد فإن فعل كفر ؛ لأن الحكم بالكفر رضا به انتهى فهو غلط قبيح إذ يلزم عليه أن لا يحكم بردة أحد ولا بكفر لقيط وهو فاسد وأفسد منه ما علل به ؛ لأن الحكم بالكفر ليس معناه إلا الحكم بآثاره المترتبة عليه فلا رضا به قطعا ويلزمه أن لا يحكم بنحو زنا ؛ لأنه رضا به نعم له إذا أسلم مميز أن يحكم بعدم صحة إسلامه إذا احتيج إليه لا بكفره إلا بالنسبة للأحكام الدنيوية وكذا يقال في أطفال الكفار ؛ لأنهم في الجنة فلا يطلق الحكم بكفرهم لقاض رفع إليه أمر لقيط الحكم بكفره فيما نصوا على كفره فيه