( فصل )
في بيان المرض المخوف والملحق به المقتضي كل منهما للحجر عليه فيما زاد على الثلث وعقبه بالصيغة لما يأتي ( إذا ) لتولد الموت عن جنسه ( لم ينفذ ) بفتح فسكون فضم فمعجمة ( تبرع زاد على الثلث ) ؛ لأنه محجور عليه في الزيادة لحق الورثة ، قيل إن أريد عدم النفوذ باطنا لم ينظر لظننا بل لوجوده ، وإن ظنناه غيره أو ظاهرا خالف الأصح [ ص: 29 ] من جواز تزويج الولي من أعتقت فيه وإن لم تخرج من الثلث ؛ لأنها حرة ظاهرا ، ثم بعد موته إن خرجت من الثلث أو أجاز الورثة استمرت الصحة وإلا فلا ، وأجاب ظننا المرض مخوفا الزركشي بأن المراد بعدم النفوذ الوقف أي وقف اللزوم والاستمرار لا وقف الصحة لينتظم الكلامان وقوله زاد على الثلث لا يلتئم مع قولهم الذي قدمه العبرة بالثلث عند الموت لا الوصية فإن أريد الثلث عنده لم ينظر لظننا أيضا قال الجلال البلقيني : وكان ينبغي له أن يقول لم ينفذ تبرع منجز فإن التبرع المعلق بالموت لا حجر عليه فيه .
ولو زاد على الثلث ؛ لأن الاعتبار بالثلث عند الموت ، وهذا إنما يعرف بعد الموت وأما المنجز فيثبت حكمه حالا فيحجر عليه فيما زاد على الثلث ا هـ وفي جميعه نظر كجواب الزركشي ؛ لأن وقف اللزوم الذي ذكره لا يتقيد بظننا كما هو واضح مما تقرر في مسألة العتيقة ، وما ذكر عن الجلال عجيب مع ما تقرر في الثلث أنه لا يعتبر إلا عند الموت مطلقا وفي مسألة العتيقة أنها تزوج حالا مع كونها كل ماله اعتبارا بالظاهر من صحة التصرف الآن فلا فرق بين المنجز والمعلق والذي يندفع به جميع ما اعترض به عليه أن كلامه الآتي مبين لمراده مما هنا أن محله فيما إذا طرأ على المرض قاطع له من نحو غرق أو حرق [ ص: 30 ] فحينئذ إن كنا ظننا المرض مخوفا بقول خبيرين لم ينفذ تبرع زاد على الثلث حينئذ منجزا كان أو معلقا بالموت ، وإن كنا ظنناه غير مخوف وحملنا الموت على نحو الفجأة لكونه نحو جرب أو وجع ضرس نفذ المنجز ، وإن زاد على الثلث حينئذ فاتضح أن اعتبار الثلث حين طرو القاطع لا يخالف ما مر أن العبرة فيه بالموت ؛ لأنا لم نعتبره هنا إلا عند الموت .
( فإن برأ نفذ ) أي بان نفوذه من حين تصرفه في الكل قطعا لتبين أن لا مخوف ومن صار عيشه عيش مذبوح لمرض أو جناية في حكم الأموات بالنسبة لعدم الاعتداد بقوله ( وإن ظنناه غير مخوف فمات ) أي اتصل به الموت ( فإن حمل على الفجأة ) لكون المرض الذي به لا يتولد منه موت كجرب ووجع عين أو ضرس وهي بضم الأول والمد وبفتح فسكون واعتراضه بأنه لم يسمع إلا تنكيرها يرده حديث { } أي لغير المستعد وإلا فهو راحة للمؤمن كما في رواية أخرى ( نفذ ) جميع تبرعه ( وإلا ) يحمل على ذلك لكون المرض الذي به غير مخوف ، لكنه قد يتولد عنه الموت كإسهال أو حمى يوم أو يومين وكان التبرع قبل أن يعرق واتصل الموت به ( فمخوف ) فلا ينفذ ما زاد على الثلث ، وفائدة الحكم في هذا بأنه إن اتصل به الموت مخوف وإلا فلا أنه إذا حز عنقه أو سقط من عال مثلا كان من رأس المال بخلاف المخوف فإنه يكون من الثلث مطلقا كما تقرر ( ولو شككنا ) قبل الموت ( في كونه ) أي المرض ( مخوفا لم يثبت ) كونه مخوفا ( إلا ب ) قول ( طبيبين حرين عدلين ) [ ص: 31 ] مقبولي الشهادة لتعلق حق الموصى له والورثة بذلك فسمعت الشهادة به ولو في حياته كأن علق شيء بكونه مخوفا واعترض اقتصاره على الحرية وحذفه الإسلام والتكليف وذكره العدالة المغنية عن الحرية إن أريد بها عدالة الشهادة . موت الفجأة أخذة أسف
ويجاب بأنه لوح بذكر الحرية إلى أن المراد عدالة الشهادة لا الرواية ولا العدالة الظاهرة وأفهم كلامه أنه لا يثبت برجل وامرأتين ولا بمحض النسوة ومحله في غير علة باطنة بامرأة ، ويقبل قول الطبيبين إنه غير مخوف أيضا خلافا للمتولي وقد لا ترد عليه بإرجاع ضمير يثبت إلى كل من طرفي الشك أما لو اختلف الوارث والمتبرع عليه بعد الموت بنحو غرق في المرض فيصدق الثاني وعلى الوارث البينة ويكفي فيها غير طبيبين إذا وقع الاختلاف في نحو الحمى المطبقة ووجع الضرس ولو اختلف الأطباء رجح الأعلم فالأكثر عددا فمن يخبر بأنه مخوف