( ولو خلطا لا يمكن معه التمييز ( فرجوع ) ؛ لأنه أحدث بالخلط زيادة لم يرض بتسليمها ولا يمكن بدونها ( أو مثلها فلا ) قطعا ؛ لأنه لم يحدث تغييرا إذ لا فرق بين المثلين ( وكذا بأردأ في الأصح ) قياسا على تعييب الموصى به أو إتلاف بعضه ، ولو تلفت إلا صاعا فهل يتعين للوصية علمت صيعانها أو لا أو يفرق كما في البيع بين المعلومة فينزل على الإشاعة والمجهولة فإذا بقي صاع منها تعين للوصية كل محتمل وعلى الأول الأقرب يفرق بأن الملك ثم قارن آخر الصيغة فنظرنا فيه بين تنزيله على المتبادر من الإشاعة أو عدمها وهنا لا ملك إلا بعد الموت والقبول ولا ندري هل تلك المعينة تبقى عنده أو لا فصححناها في صاع من الموجود منها عند الموت ، ولم ننظر للمعلومة الصيعان وغيرها ؛ لأن الوصية إحسان وبر والمقصود تصحيحها فيما ذكره الموصي ما أمكن ومر فيما لو أوصى بأحد رقيقيه فلم يبق إلا واحد ما يؤيد ما ذكرته ( وطحن حنطة ) معينة ( وصى بها ) أو ببعضها ( وبذرها وعجن دقيق ) وطبخ لحم وشيه وجعله [ ص: 81 ] وهو لا يفسد قديدا ( وغزل قطن ) أو جعله حشوا ما لم يتحد الموصى له بالثوب والقطن كما بحثه أوصى بصاع من صبرة ) معينة ( فخلطها ) هو أو مأذونه ( بأجود منها ) الأذرعي رحمه الله .
ويلحق به نظائره بشرط أن لا يزول اسم أحد العينين بما فعله وجعل خشبة بابا وخبز فتيتا وعجين خبزا ، والفرق بينه وبين تجفيف الرطب غير خفي إذ هو يقصد به البقاء فهو كخياطة ثوب مقطوع أوصي به وكتقديد لحم يفسد ويفرق بين هذا وخبز العجين مع أنه يفسد لو ترك بأن التهيئة للأكل في الخبز أغلب وأظهر منها في القديد ( ونسج غزل وقطع ثوب قميصا ) مثلا ( وبناء وغراس في عرصة رجوع ) إن كان بفعله أو بفعل مأذونه سواء أسماه باسمه أم قال بهذا أو بما في هذا البيت مثلا لإشعار ذلك كله بالإعراض هذا كله في المعين كما تقرر فلو ولو بما يزيل الملك لم يكن رجوعا ؛ لأن العبرة بثلث ماله الموجود عند الموت لا الوصية ولو اختص نحو الغراس ببعض العرصة اختص الرجوع بمحله ، وقد يراعى تغيير الاسم كما إذا أوصى بنحو ثلث ماله ، ثم تصرف في جميعه فإنه رجوع في النقض دون العرصة والاسم أو بفعله فإنه رجوع في الكل لزوال الاسم عنه بالكلية بخلافه فيما مر في نحو طحن الحنطة ؛ لأنه يقال دقيق حنطة فلم يؤثر فيه إلا فعله أو فعل مأذونه ، والحاصل أنه مع أحد هذين يقدم المشعر بالإعراض إشعارا قويا ، وإن لم يزل الاسم ومع عدمهما لا ينظر إلا لزوال الاسم بالكلية فتأمله . أوصى بدار ، ثم انهدمت في حياته بنفسها أو بفعل الغير
وخرج بالبناء والغراس الزرع وبقطع الثوب لبسه لضعف إشعارهما بذلك ومن ثم لو دام بقاء أصوله أي بالمعنى السابق في الأصول والثمار فيما يظهر ثم رأيت في كلام الأذرعي ما يفهمه كان كالغراس ومر أنه لو ؛ لأن الجملة اثنان ونسبة كل إليها النصف فهو على طبق ما يأتي [ ص: 82 ] عن أوصى بشيء لزيد ثم لعمرو شرك بينهما الشيخين خلافا لمن وهم فيه زاعما أن محل التشريك هنا هو محل الرجوع نظير ما يأتي عن الإسنوي فإن رد أحدهما أخذ الآخر الجميع بخلاف ما لو أوصى به لهما ابتداء فرد أحدهما يكون النصف للوارث دون الآخر ؛ لأنه لم يوجد له إلا النصف نصا ، ولو أوصى بها لواحد ثم بنصفها لآخر كانت أثلاثا للأول ثلثاها وللثاني ثلثها ، وزعم الإسنوي أن هذا غلط ، وأن الصواب أنها أرباع بناء على أن محل التشريك هو محل الرجوع هو الغلط كما قاله البلقيني ؛ لأن المرعي عندهم في ذلك طريقة العول بأن يضاف أحد المالين للآخر ، وينسب كل منهما للمجموع فيقال هنا معنا مال ونصف مال يزاد النصف على الجملة يصير معنا ثلاثة تقسم على النسبة لصاحب المال الثلثان ولصاحب النصف الثلث فإن كان الوصية للآخر بالثلث كان له الربع وفي الأول لو رد الثاني فالكل للأول أو الأول فالنصف للثاني ، ووقع لشارح خلاف ذلك وهو تحريف .
ولو أوصى له مرة ثم مرة تأتي هنا في التعدد والاتحاد ما مر في الإقرار كما أشار إليه بعضهم ويرد عليه ما لو أوصى بمائة ثم خمسين ليس له إلا الخمسون لتضمن الثانية الرجوع عن بعض الأولى ، ذكره المصنف وأخذ منه بعضهم أنه لو أوصى بثلثه لزيد ثم بثلثه له ولعمرو تناصفاه وبطلت الأولى ، ويؤخذ منه أيضا أنه لو أن زيدا ليس له إلا ثلث النخل وبطلت وصيته الأولى ؛ لأن الثانية أقل منها ، والحاصل أن محل قولهم لو أوصى لزيد بشيء ثم أوصى به لعمرو تناصفاه ما لم يوص لزيد ثانيا بما هو أقل من حصته في الأولى ، وإلا بطلت في الحصة ولم يكن له سوى الثانية ثم ما بطلت فيه يعود للورثة لا لعمرو كما هو واضح ولو أوصى لزيد بثلث ماله ثم أوصى ثانيا لعمرو بثلث غنمه ولزيد الأول بثلث نخله ولم يتعرض لباقي الثلث كان لعمرو ربعها ؛ لأنها من جملة ماله الموصى له بثلثه فهو كما لو أوصى لإنسان بعين ولآخر بثلثها فيكون للآخر ربعها على قياس ما مر عن أوصى لزيد بعين ثم لعمرو بثلث ماله الشيخين لا يقال قياس ما تقرر عن المصنف في مائة ثم خمسين من تضمن الثانية الرجوع عن بعض الأولى أن العين إن ساوت الثلث أخذ الموصى له بها نصفها والآخر ما يساوي نصف الثلث .
وإن كانت أقل أو أكثر وزع الثلث على قيمتها وقدر الثلث وأعطي كل ما يخصه ؛ لأنا نقول تضمن الرجوع إنما هو في وصيتين لواحد كما هو فرض صورة المصنف [ ص: 83 ] وأما في غير ذلك فلا يتضمنه ، وإنما يتضمن المشاركة بين الوصيتين فعمل فيهما بما مر ويؤيد ذلك إفتاء شيخنا فيمن بأن لذي النصف نصف جميع المال حتى في الثور والجمل ولذي الثلث ثلث جميعه حتى فيهما ؛ لأن كلا من الوصيتين مضافة إلى جميع ماله ومنه الثور والجمل وحينئذ للموصى له بالنصف من كل منهما ثلاثة أجزاء من أحد عشر وبالثلث جزءان من أحد عشر ولكل من الموصى له بالثور والجمل ستة أجزاء أي ؛ لأنك تزيد على وصية كل ثلثها ونصفها وهما من ستة خمسة فزدهما عليها تصير الجملة أحد عشر على قياس ما مر عن أوصى لإنسان بثور ولآخر بجمل ولآخر بنصف ماله ولآخر بثلث ماله الشيخين