( فصل في الإيصاء ) وهو كالوصاية لغة يرجع لما مر في الوصية ، وشرعا إثبات تصرف مضاف لما بعد الموت فالفرق بينهما اصطلاح فقهي عدل إليه عن قول أصله الوصاية ؛ لأنه أبعد عن لفظ الوصية فيتضح به عند المبتدئ الفرق أكثر ( بقضاء الدين ) الذي لله كالزكاة أو لآدمي ورد المظالم كالمغصوب وأداء الحقوق كالعواري والودائع إن كانت ثابتة بفرض إنكار الورثة ولم يردها حالا وإلا وجب أن يعلم بها غير وارث تثبت بقوله ولو واحدا ظاهر العدالة أو يردها حالا خوفا من خيانة الوارث ، وواضح أن نحو المغصوب لقادر على رده فورا لا تخيير فيه بل يتعين الرد ، ويظهر الاكتفاء بخطه بها إن كان في البلد من يثبته ؛ لأنهم كما اكتفوا بالواحد مع أنه وإن انضم إليه يمين غير حجة عند بعض المذاهب نظرا لمن يراه حجة فكذا الخط نظرا لذلك نعم من بإقليم ، يتعذر فيه من يثبت بالخط أو يقبل الشاهد واليمين ينبغي أن لا يكتفى منه بذينك ( وتنفيذ الوصايا ) إن أوصى بشيء . ( يسن ) لكل أحد ( الإيصاء )
وإنما صحت في نحو رد عين وفي دفعها حالا والوصية بها لمعين وإن كان لمستحقها الاستقلال بأخذها من التركة بل لو أخذها أجنبي من التركة ودفعها إليه لم يضمنها كما صرح به الماوردي وذلك ؛ لأن الوارث قد يخفيها أو يتلفها وليطالب الوصي الوارث بنحو ردها ليبرأ الميت ولتبقى تحت يد الموصي لا الحاكم لو غاب مستحقها [ ص: 84 ] وكذا لو تعذر قبول الموصى له بها على ما بحثه ابن الرفعة وقال السبكي هي قبل القبول ملك للوارث فله الامتناع من دفعها للوصي فيأخذها الحاكم إلى أن يستقر أمرها ومعنى قوله ملك للوارث أي بفرض عدم القبول فكان له دخل فيمن تبقى تحت يده والذي يتجه فيما إذا أوصى للفقراء مثلا أنه إن عين لذلك وصيا لم يكن للقاضي دخل فيه إلا من حيث المطالبة بالحساب ، ومنع إعطاء من لا يستحق وإلا تولى التصرف هو أو نائبه ولو أخرج الوصي الوصية من ماله ليرجع في التركة رجع إن كان وارثا وإلا فلا أي إلا إن أذن له الحاكم أو جاء وقت الصرف الذي عينه الميت ، وفقد الحاكم ولم يتيسر بيع التركة فأشهد بنية الرجوع كما هو قياس نظائره وسيأتي ما يؤيده ولو امتنع عليه البيع ولزمه وفاء الدين من ماله . أوصى ببيع بعض التركة وإخراج كفنه من ثمنه فاقترض الوصي دراهم وصرفها فيه
ومحله فيما يظهر حيث لم يضطر إلى الصرف من ماله [ ص: 85 ] وإلا كأن لم يجد مشتريا رجع إن أذن له حاكم أو فقده وأشهد بنية الرجوع نظير ما تقرر ولو أوصى بقضاء الدين من عين بتعويضها فيه وهي تساويه أو تزيد وقبل الوصية بالزائد كما هو ظاهر أو من ثمنها تعين فليس للورثة إمساكها ومنه يؤخذ أنه لا يلزم استئذانهم فيها بخلاف ما إذا لم يعين لا يتصرف حتى يستأذنهم ؛ لأنها ملكهم فإن غابوا استأذن الحاكم ، وبحث صحة فيكون وصيا ومر آخر الوكالة ما يصرح به ، وكأن سبب اغتفار اتحاد القابض والمقبض هنا تقدير أن الفقراء وكلاؤه كما قدر أن المعمرين وكلاؤه في إذن الأجير للمستأجر في العمارة ، وقد يقال لا يحتاج لهذا التقدير هنا بل سببه الخوف من استيلاء نحو قاض بالقبض منه ثم إقباضه ، وإن كان هو القياس ؛ لأن الغالب في القضاة ونحوهم الخيانة لا سيما في الصدقات ، وقد قال : إذا مت ففرق ما لي عليك من الدين للفقراء الأذرعي عن قضاة زمنه وهم أحسن حالا ممن بعدهم إنهم كقريبي عهد بالإسلام وللمشتري من نحو وصي وقيم ووكيل وعامل قراض أن لا يسلمه الثمن حتى تثبت ولايته عند القاضي قال ولو قال ضع ثلثي حيث شئت لم يجز له الأخذ لنفسه أي وإن نص له على ذلك لاتحاد القابض والمقبض . القاضي أبو الطيب
قال الدارمي رحمه الله ولا لمن تقبل شهادته له أي إلا أن ينص له عليه لمستقل إذ لا اتحاد ولا تهمة حينئذ قال ولا لمن يخاف منه أي ولم يوجد فيه شرط الإعطاء وإلا فلا وجه لمنع إعطائه ولو خوفا منه قال ولا لمن يستصلحه وكأن مراده أنه غير صالح فيعطيه ليتألفه حتى يبقى صالحا وفيه نحو ما قبله وهو أنه إن وجد فيه شرط الإعطاء جاز مطلقا أو عدمه لم يجز مطلقا ( والنظر في أمر الأطفال ) والمجانين والسفهاء ، وكذا الحمل الموجود عند الإيصاء ولو مستقلا كما اقتضاه كلام جمع متقدمين وسكت عليه جمع متأخرون ويدخل من حدث بعد الإيصاء على أولاده تبعا على الأوجه كما في الوقف ، وبحث الأذرعي وجوبه في أمر نحو الأطفال إلى ثقة مأمون وجيه كاف إذا وجده وغلب على ظنه أن تركه يؤدي إلى استيلاء خائن من قاض أو غيره على أموالهم وفي هذا ذهاب إلى أنه يلزمه حفظ مالهم بما قدر عليه بعد موته كما في حياته