( و ) لا يجوز ( ) ولو مع عدم ولي ؛ لأن الوصي لا يعتني بدفع العار عن النسب وسيأتي توقف نكاح السفيه على إذن الولي ومنه الوصي ( ولفظه ) أي الإيصاء كما بأصله أي وصيغته ( أوصيت إليك أو فوضت ) إليك ( ونحوهما ) كأقمتك مقامي ، وقياس ما مر اشتراط بعد موتي فيما عدا أوصيت ، ويظهر أن الإيصاء بتزويج طفل وبنت كناية ؛ لأنه لا يصلح لموضوعه فيكون كناية في غيره وقياسه إن وليتك كذلك وهو ما رجحه وكلتك بعد موتي في أمر أطفالي شيخنا لكن ظاهر كلام الأذرعي أنه صريح هنا وقد يوجه بأنه أقرب إلى مدلول فوضت إليك الصريح من وكلتك ويؤيده ما يأتي من صحة الوصية بالإمامة لواحد بعد موتي وظاهره [ ص: 91 ] صحتها بلفظ أوصيت وفوضت وإذا ثبت ذلك في فوضت ثبت في وليت ، وليس هذا من قاعدة ما كان صريحا في بابه ؛ لأنا إذا جوزنا الوصية بالإمامة كان الباب واحدا فما كان صريحا هناك يكون صريحا هنا ، وعكسه غاية الأمر أن الموصى فيه إمامة وغيرها وهذا لا يؤثر .
وتكفي إشارة الأخرس المفهمة وكتابته وكذا الناطق إذا سكت وأشار برأسه أن نعم وقد قرئ عليه كتاب الوصية من غير قراءة ومر لذلك مزيد في مبحث صيغ الوصية ( ويجوز فيه التوقيت ) كأوصيت إليك سنة سواء أقال بعدها وصيي فلان أم لا أو إلى بلوغ ابني ( والتعليق ) كإذا مت أو إذا مات وصيي فقد أوصيت إليك كما مر ( ويشترط بيان ما يوصى فيه ) وكونه تصرفا ماليا مباحا كأوصيت إليك في قضاء ديوني أو في التصرف في أمر أطفالي أو في رد آبقي أو ودائعي أو في تنفيذ وصاياي فإن جمع الكل ثبت له أو خصصه بأحدها لم يتجاوزه ، ولو أطلق كأوصيت إليك في أمري أو تركتي أو في أمر أطفالي ولم يذكر التصرف صح ، ويظهر أن الأول عام ويفرق بين الأول وفساد نظيره السابق في الوكالة بأن ذاك لو صح لحق الموكل به ضرر لا يستدرك كعتق ووقف وطلاق بخلافه هنا لتقيد تصرفه بالمصلحة ؛ لأنه على الغير الذي لم يأذن في خلافه ولو أطلق وصححناه ثم أوصى لآخر في معين فالقياس أن ذلك يصير عزلا للأول عنه فيتصرف الثاني فيما عين له ، ويبقى الأول على ما عداه فإن وصى لثان فيما وصى به للأول ولم يتعرض له شاركه ووجب اجتماعهما ؛ لأنه الأحوط والمعتمد في الثاني أنه للحفظ والتصرف في مالهم للعرف وفي الأنوار أن قول القاضي وليتك مال فلان للحفظ فقط ومر آخر الحجر بيان أن قاضي بلد المال يتصرف فيه بالحفظ ونحوه وقاضي بلد المحجور يتصرف فيه بالبيع وغيره .
نعم بحث بعضهم أن نظر وصاياه لقاضي بلد ماله أخذا مما مر أول الفرائض من أن من مات بلا وارث اختص بماله أهل بلده وفيه نظر ولا شاهد له في هذا على أنه ضعيف فالذي يتجه ما اقتضاه كلامهم في الحجر أنه لبلد المالك وسيأتي جواز النقل في الوصية فليست كالزكاة حتى يعتبر فيها بلد المال ( فإن اقتصر على أوصيت إليك لغا ) كوكلتك ولأنه لا عرف يحمل عليه كما قالوه ونازع فيه السبكي رحمه الله بأن العرف يقتضي أنه يثبت له جميع التصرفات ا هـ وفيه نظر بل الحق ما قالوه وما قاله غير مطرد فلا يعول عليه وإن قال الزركشي يؤيده قول البيانيين : إن حذف المعمول يؤذن بالتعميم وجزم الزبيلي بصحة فلان وصيي ا هـ [ ص: 92 ] ؛ لأن كلام البيانيين ليس في مثل ما نحن فيه وكلام الزبيلي إما ضعيف أو يفرق بينه وبين ما هنا بأن ما قاله محتمل للإقرار وهو يقبل المجهول فصح فيه ما يحتمله وحمل على العموم إذ لا مرجح وما هنا محض إنشاء وهو لا يقبل الجهل بوجه ( و ) يشترط ( القبول ) من الوصي ؛ لأنها عقد تصرف كالوكالة ومن ثم اكتفي هنا بالعمل كهو ثم كما اقتضاه كلام الشيخين وجزم به القفال وهو أوجه من اعتماد السبكي رحمه الله اشتراط اللفظ ( ولا يصح ) القبول ولا الرد ( في حياته في الأصح ) ؛ لأنه لم يدخل وقت تصرفه كالموصى له بالمال بخلافه بعد الموت ولا يشترط بعده الفور في القبول ما لم يتعين تنفيذ الوصايا أو يعرضها عليه الحاكم بعد ثبوتها عنده قال الأذرعي رحمه الله أو يكون هناك ما تجب المبادرة إليه