( والأظهر ) وإن نقل مقابله عن أكثر العلماء وانتصر له ( منع ) لغير الغازي على ما مر فيه عن محل المؤدى عنه من الفطرة والمال الذي وجبت فيه ، وهو فيه مع وجود مستحق به إلى محل آخر به مستحق لتصرف إليه ما لم يقرب منه أي : بأن نسب إليه عرفا بحيث يعد معه بلدا واحدا ، وإن خرج عن سوره وعمرانه فيما يظهر ثم رأيت نقل الزكاة أبا شكيل قال : ومحل المنع في غير سواد البلد [ ص: 173 ] وقراه فلا خلاف في جوازه فيه . ا هـ . والظاهر أن مراده بذلك ما ذكرته ، وإلا فهو بعيد مما يرد نفيه للخلاف بل وما بحثه قول الشيخ أبي حامد ؛ لأنه نقل للزكاة . ا هـ ، لكن فيه حرج شديد ، فالوجه ما ذكرته ؛ لأنه ليس فيه إفراط لا يجوز لمن في البلد أن يدفع زكاته لمن هو خارج السور ولا تفريط أبي حامد أبي شكيل فتأمله ، ثم رأيت الزركشي في شرحه نقل عن الشيخ وابن الصباغ أنهما ألحقا سواد البلد إلى دون مسافة القصر بحاضريه كما في الخيام أي : الحلل المتفرقة غير المتمايزة لمن قد ينتجعون عند الحاجة إذ هؤلاء هم الذين يتقيدون بدون مسافة القصر كما يأتي ، وهذه المقالة لإفادتها أن المعدين من سواد بلد ، وإن تفرقت منازلهم إلى دون مرحلتين ينقل إليهم فقط فيها تقييد لمقالة أبي شكيل ومع ذلك فالوجه ضعفها أيضا ثم ما ذكر عن الشيخ هنا ينافيه ما مر عنه فلعل كلامه اختلف ، وإذا منعنا النقل حرم ، ولم يجز لخبر الصحيحين { } . تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم
ونظر في وجه دلالته أي : لأن الظاهر أن الضمير لعموم المسلمين ، ولامتداد أطماع مستحقي كل محل إلى ما فيه من الزكاة ، والنقل يوحشهم وبه فارقت الزكاة الكفارة والنذر والوصية ووقفا لفقراء ، أو مساكين إذا لم ينص نحو الواقف فيه على نقل ، أو غيره وعلم من إناطة الحكم ببلد المال لا المالك أن العبرة ببلد المدين لا الدائن لكن قال بعضهم : له صرفها في أي بلد شاء ، وقد يوجه بأن ما في الذمة لا يوصف بأن له محلا مخصوصا ؛ لأنه أمر تقديري لا حسي فاستوت الأماكن كلها إليه فيخير مالكه ، ومحله في دين يلزم المالك الإخراج عنه ، وهو في الذمة ، وإلا فيحتمل أن العبرة بمحل قبضه منه فحينئذ يخرج على مستحقيه جميع زكاة السنين السابقة ويحتمل أنه كالأول فيتخير هنا أيضا ؛ لأنه بالقبض تبين تعلق وجوب كل حول مر به ، وقد كان حينئذ غير موجود حسا فتخير هنا أيضا ، والكلام في المالك المقيم ببلد ، أو بادية لا يظعن عنها أما الإمام فله نقلها مطلقا لما مر أن الزكوات كلها في يده كزكاة واحدة ، وكذا ومثله قاض له دخل فيها بأن لم يولها الإمام غيره ، ولمن جاز له النقل أن يأذن للمالك فيه على الأوجه ؛ لكن لا ينقل إلا في عمله لا خارجه كما يؤخذ مما مر في زكاة الفطر ، وقد يجوز للمالك أيضا كما إذا كان له بكل محل عشرون شاة فله مع الكراهة إخراج شاة بأحدهما حذرا من التشقيص [ ص: 174 ] الساعي ، بل يلزمه نقلها للإمام إذا لم يأذن له في تفرقتها
وكأن حال الحول والمال ببادية لا مستحق بها فيفرقه في أقرب محل إليه به مستحق ، وللمنتجعين من أهل الخيام الذين لا قرار لهم صرفها لمن معهم ولو بعض صنف كمن بسفينة في اللجة فيما يظهر ، فإن فقدوا فلمن بأقرب محل إليهم عند تمام الحول ، فإن تعذر الوصول للأقرب ، فهل ينقل للأقرب إلى ذلك الأقرب وهكذا ، أو يحفظ حتى يتيسر الوصول إليهم كل محتمل ولو قيل : إن رجا الوصول عن قرب انتظر ، وإلا نقل لكان أوجه ولو استوى بلدان في القرب إليه ، فالذي يظهر أنهما كبلد واحدة ، فيجري في مستحقيهما ما مر في مستحق بلد واحدة ، والحلل المتمايزة بنحو ماء ومرعى لكل كل حلة منها كبلد فيحرم النقل إليها ، وغير المتمايزة له النقل إليها لمن بدون مسافة القصر من محل الوجوب ( ولو ( وجب النقل ) لها ، أو للفاضل إلى مثلهم بأقرب محل لمحل المال ، فإن جاوزه حرم ولم يجز كالنقل ابتداء ، وإنما لم يجز عدم الأصناف في البلد ) أي : بلد الوجوب ، أو فضل عنهم شيء مطلقا ، بل يحفظ لوجود مساكينه ؛ لأنه وجب لهم بالنص فهو كمن نذر تصدقا على فقراء بلد كذا ففقدوا يحفظ حتى يوجدوا ، والزكاة ليس فيها نص صريح بتخصيصها بالبلد وإذا جاز النقل فمؤنة على المالك قبل قبض الساعي وبعده في الزكاة ، فيباع منها ما يفي بذلك كما لو خشي وقوعها في خطر ، أو احتاج لرد جبران . نقل دم الحرم
( أو ) عدم ( بعضهم ) من بلد المال ووجد بغيره ، أو فضل عنه شيء بأن وجدوا كلهم ، وفضل عن كفاية بعضهم شيء ، أو وجد بعضهم وفضل عن كفاية بعضه شيء ( وجوزنا النقل ) مع وجودهم ( وجب ) النقل لذلك الصنف بأقرب بلد إليه ( وإلا ) نجوزه كما هو الأصح ( فيرد ) بالنصب وجوبا نصيب المفقود من البعض ، أو الفاضل عنه ، أو عن بعضه ( على الباقين ) إن نقص نصيبهم عن كفايتهم ولا ينقل إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم فإن لم ينقص نقله لذلك الصنف بأقرب بلد إليه ( وقيل : ينقل ) إلى أقرب محل إليه للنص على استحقاقهم فيقدم على رعاية المكان الناشئة عن الاجتهاد ويرد بأن النص لو سلم عمومه كان في عمومه في الأمكنة خلاف فليس صريحا في محل النزاع