( كتاب الصلاة ) هي شرعا [ ص: 415 ] أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم غالبا فلا ترد التي يجريها على قلبه ، بل لا يردان مع حذف غالبا ؛ لأن وضع الصلاة ذلك فما خرج عنه لعارض لا يرد عليه سميت بذلك لاشتمالها على الصلاة لغة وهي الدعاء [ ص: 416 ] وخرج بقولي مخصوصة سجدتا التلاوة ، والشكر فإنهما ليستا صلاة كصلاة الجنازة صلاة الأخرس وصلاة المريض
( المكتوبات ) أي المفروضات العينية ( خمس ) معلومة من الدين بالضرورة في كل يوم وليلة ولا ترد الجمعة ؛ لأنها من جملة الخمس في يومها كما سيعلم من كلامه ولم تجتمع هذه الخمس لغير نبينا صلى الله عليه وسلم وورد أن الصبح لآدم ، والظهر لداود ، والعصر لسليمان ، والمغرب ليعقوب ، والعشاء ليونس
ولا ينافيه قول جبريل في خبره الآتي بعد صلاته الخمس هذا وقت الأنبياء قبلك لاحتمال أن المراد أنه وقتهم على الإجمال وإن اختص كل ممن ذكر منهم بوقت وفرضت ليلة الإسراء ولم يجب صحيح يوم تلك الليلة لعدم العلم بكيفيتها [ ص: 417 ] فإن جبريل لما علمها له صلى الله عليه وسلم بصلاته عند باب الكعبة مما يلي الحفرة ، ثم إلى الحجر بالكسر الخمس في أوقاتها مرتين في يومين ابتداء بالظهر إشارة إلى أن دينه سيظهر على الأديان ظهورها على بقية الصلوات فمن ثم تأسى أئمتنا بذلك وبآية { أقم الصلاة لدلوك الشمس } في البداءة بها فقالوا ( الظهر ) سميت بذلك ؛ لأنها أول صلاة ظهرت كما تقرر ولفعلها وقت الظهيرة أي الحر
( زوال الشمس ) أي عقب وقت زوالها أي ميلها عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء باعتبار ما يظهر لنا لا نفس الأمر فلو ظهر أثناء التحرم لم يصح وإن كان بعده في نفس الأمر ، وكذا في نحو الفجر ويعلم بزيادة الظل على ظل الاستواء إن كان وإلا فبحدوثه ( وأول وقته مصير ظل الشيء ) هو لغة الستر ومنه أنا في ظل فلان واصطلاحا أمر وجودي خلقه الله لنفع البدن وغيره تدل عليه الشمس [ ص: 418 ] كما في الآية لكن في الدنيا بدليل { وآخره وظل ممدود } ولا شمس ثم فليس هو عدمها خلافا لمن توهمه ( مثله سوى ظل استواء الشمس ) أي الظل الموجود عنده في غالب البلاد وقد ينعدم في بعضها كمكة في بعض الأيام واختلفوا في قدره فيها فقيل يوم واحد هو أطول أيام السنة وقيل جميع أيام الصيف وقيل ستة وخمسون يوما وقيل ستة وعشرون قبل انتهاء الطول ومثلها عقبه
وقيل يومان يوم قبل الأطول بستة وعشرين يوما ويوم بعده بستة وعشرين وما عدا الأخير ، والأول غلط والذي بينه أئمة الفلك هو الأخير وقول أصحابنا أن صنعاء كمكة في ذلك لا يوافق ما حرره أئمة الفلك ؛ لأن عرض مكة أحد وعشرون درجة وعرض صنعاء على ما في زيج ابن الشاطر خمس عشرة درجة تقريبا فلا ينعدم الظل فيها إلا قبل الأطول بنحو خمسين يوما وبعده بنحوها أيضا وقد بسطت الكلام على ذلك وما يتعلق به ويوضحه في شرح العباب ولها وقت فضيلة أول الوقت ، وجواز إلى ما يسع كله ، ثم حرمة ونوزع فيه بأن المحرم التأخير إليه لا إيقاعها فيه ويرد بأن هذا لا يمنع تسميته وقت حرمة بذلك الاعتبار ، وضرورة وسيأتي وهذه الأربعة تجزئ في البقية وعذر وهو وقت العصر لمن يجمع ، واختيار وهو وقت الجواز