( ولو [ ص: 469 ] ولا شيء فيه وإن علم ذلك كما مر ( أو ) نحو مغصوب أو ( خمر ) ولو معلومة وهما مسلمان أو غير ذلك من كل فاسد يقصد والخلع معها ( بانت بمهر المثل ) ؛ لأنه عقد على منفعة بضع فلم يفسد بفساد عوضه ورجع إلى مقابله كالنكاح ومن صرح بفساده مراده من حيث العوض ( وفي قول ببدل الخمر ) المعلومة نظير ما مر في الصداق على الضعيف أيضا هذا حيث لا تعليق أو علق بإعطاء مجهول يمكن مع الجهل بخلاف خالع بمجهول ) كثوب من غير تعيين ولا وصف أو بمعلوم ومجهول أو بما في كفها فلا تطلق ؛ لأنه إنما علق بإبراء صحيح ولم يوجد كما في إن برئت خلافا لمن فرق بينهما هنا أما الفرق باقتضاء الأولى مباشرتها للبراءة بلفظها أو مرادفه دون نحو النذر ولا كذلك الثانية فواضح لا نزاع فيه ومثل ذلك ما لو ضم للبراءة إسقاطها لحضانة ولدها ؛ لأنها لا تسقط بالإسقاط وجهله كذلك وقولهم لا يشترط علم المبرأ محله فيما لا معاوضه فيه بوجه كما اعتمده جمع محققون منهم إن أبرأتني من صداقك ومتعتك مثلا أو دينك فأنت طالق فأبرأته جاهلة به أو بما ضم إليه الزركشي وغلط جمعا أخذوا كلام الأصحاب على إطلاقه .
فأخذ جمع بعدهم بهذا الإطلاق ليس في محله وإن انتصر له بعضهم وأطال فيه فإن علماه ولم تتعلق به زكاة وأبرأته رشيدة في مجلس التواجب وسيأتي بيانه وقع بائنا فإن تعلقت به زكاة فلا طلاق ؛ لأن المستحقين ملكوا بعضه فلم يبرأ من كله وتنظير شارح فيه وجزم جمع بوقوعه بائنا بمهر المثل ليس في محله كما يأتي آخر الباب وظاهر أن العبرة بالجهل به حالا وإن أمكن العلم به بعد البراءة وليس كقارضتك ولك سدس ربع عشر الربح ؛ لأنه منتظر فكفى علمه بعد والبراءة ناجزة فاشترط وجود العلم عندها فاندفع قياسها على ذلك ومر في شرح قوله وفي البلد نقد غالب تعين ماله تعلق بذلك والحاصل أن ما هناك إما معين أو فيما لا معاوضة فيه وهو مسألة الكتابة ولو فإن زوجت صغيرة صدقت بيمينها أو بالغة ودل الحال على جهلها به ككونها مجبرة لم تستأذن فكذلك وإلا صدق بيمينه وإطلاق أبرأته ثم ادعت الجهل [ ص: 470 ] بقدره الزبيلي تصديقه في البالغة محمول على ذلك ومر في الضمان ما له تعلق بذلك وفي الأنوار لو ففي وقوع الطلاق خلاف مبني على أن التعليق بالإبراء محض تعليق فيبرأ وتطلق رجعيا أو خلع بعوض كالتعليق بالإعطاء والأصح الثاني وعلى هذا فأقيس الوجهين الوقوع كأنت طالق إن أعطيتني هذا المغصوب فأعطته ولا يبرأ الزوج وعليها له مهر المثل ا هـ . قال إن أبرأتني من صداقك فأنت طالق وقد أقرت به لثالث فأبرأته
وقوله فيبرأ فيه نظر ؛ لأن الفرض أنها أقرت به لثالث فكيف يبرأ وقد يجاب بأنه يبرأ بفرض كذبها في إقرارها ويجري ذلك فيما لو أحالت به ثم طلقها على البراءة منه فأبرأته ثم طالبه المحتال وأقام بحوالتها له قبل الإبراء بينة فيغرمه إياه ويرجع الزوج عليها بمهر المثل هذا والذي دل عليه كلامهم أن الإبراء حيث أطلق إنما ينصرف للصحيح وحينئذ فقياس ذلك أنه لا يقع طلاق في الصورتين ؛ لأنه لم يبق حال التعليق دين حتى يبرأ منه نعم إن وقع رجعيا وفارق المغصوب بأن الإعطاء قيد به والطلاق على ما في كفها مع علمه أنه لا شيء فيه بأنه ذكر عوضا غايته أنه فاسد فرجع لبدل البضع بخلاف الإبراء المعلق لا ينصرف إلا لموجود يصح الإبراء منه ومر أنه لو علق بإبراء سفيهة فأبرأته لم يقع وإن علم سفهها فقياسه هنا عدم الوقوع وإن علم إقرارها أو حوالتها . أراد التعليق على لفظ البراءة
وقد اختلف جمع متأخرون فيما لو فقيل يبرأ وتبين ؛ لأن المقصود براءة [ ص: 471 ] ذمته منها وقيل لا براءة ولا طلاق ؛ لأنه معلق على صفة هي البراءة من ثمانين ولم توجد والبراءة إنما وقعت منها في مقابلة الطلاق ولم يوجد وقيل لا طلاق بذلك وتصح البراءة ؛ لأنها لم تعلقها بشرط وأفتى أصدق ثمانين فقبضت منها أربعين ثم قال لها إن أبرأتني من مهرك الذي تستحقينه في ذمتي وهو ثمانون فأنت طالق فأبرأته منها الشيخ إسماعيل الحضرمي بالأول وهو الأوجه إن علم الحال وإن نوزع فيه ؛ لأن قوله الذي تستحقينه بذمتي مع علمه بأنه لم يبق في ذمته إلا أربعون يبين أن مراده بقوله وهو ثمانون باعتبار أصله لا غير ولا ينافيه خلافا لمن زعمه قولهم لو أضاف في حلفه لفظ العقد إلى نحو خمر كلا أبيعها لم يحنث ببيعها حملا للمطلق على عرف الشرع ؛ لأن ما هنا كذلك ؛ لأنا حملنا البراءة على عرف الشرع وهو فراغ ذمته عما لها وأولنا ما يوهم خلاف ذلك ويفرق بينه وبين إن أعطيتني ذا الثوب وهو هروي فأعطته مرويا لم يقع بأن هذا لم يقترن به ما يخرجه عن ظاهره بخلاف ذاك اقترن به ذلك وهو الذي إلى آخره كما تقرر وأفتى بعضهم في إن أبرأتني هي وأبوها فأبرآه معا أو مرتبا بعدم وقوعه ويوجه بأن التعليق بإبراء الأب كهو بإبراء السفيهة .
ولو برئ مطلقا ثم إن عاش إلى مضي الشهر طلقت وإلا فلا كما سيعلم من مبحث التعليق بالأوقات ولو قال إن أبرأتني من مهرك فأنت طالق بعد شهر فأبرأته فالذي يتجه وقوعه حالا وجدت براءة أو لا ما لم يقصد التعليق فيرتب عليه حكمه ووقع لبعضهم خلاف ذلك وليس كما زعم وفي الأنوار في قال أنت طالق إن أبرأتني وإن لم تبرئيني وقع ولا يبرأ لكن الذي في الكافي وأقره أبرأتك من مهري بشرط أن تطلقني فطلق البلقيني وغيره في أبرأتك من صداقي بشرط الطلاق أو وعليك الطلاق أو على أن تطلقني تبين ويبرأ بخلاف إن طلقت ضرتي فأنت بريء من صداقي فطلق الضرة وقع الطلاق ولا براءة ا هـ ففرق بين الشرط التعليقي والشرط الإلزامي والذي يتجه ما في الأنوار ؛ لأن الشرط المذكور متضمن للتعليق أيضا فلتأت فيه الآراء المشهورة في إن طلقتني فأنت بريء من مهري فطلق يقع رجعيا قال الإسنوي وهو المشهور في المذهب يقع بائنا بمهر المثل ونقلاه عن القاضي واعتمده جمع محققون يقع بائنا بالبراءة كطلقني بالبراءة من مهري وهو ضعيف جدا والفرق بينه وبين ما نظر به واضح ؛ لأن هذا معاوضة وذاك محض تعليق واعتماد الزركشي الأول مع علمه بفساد البراءة والثاني مع جهله جار على الضعيف فيما لو طلقها على ما في كفها ولا شيء فيه والمعتمد أنه لا فرق .
والذي يتجه ترجيحه من حيث المدرك الأول مطلقا ؛ لأن تعليق البراءة يبطلها وهو لم يعلق على شيء وإيقاعه في مقابلة ما ظنه من البراءة لا يفيده لتقصيره بعدم التعليق عليه لفظا بخلاف المطلق على ما في الكف وأفتى بعضهم في أنت طالق على صحة البراءة بأنها إذا أبرأته براءة صحيحة فورا بانت لتضمنه التعليق والمعاوضة كإن أبرأتني وقد سئل الصلاح العلائي عن أنت طالق على البراءة فأفتى بأنه بائن أي إن وجدت براءة صحيحة [ ص: 472 ] وقال إنه وإن لم يره مسطورا لكن القواعد تشهد له ا هـ وزيادة لفظ صحة لا تقتضي التغاير في الحكم فإن قلت التحقيق المعتمد في طلاقك بصحة براءتك أنه لا تعليق فيه فإذا صحت وقع رجعيا ؛ لأن الباء وإن احتملت السببية أو غلبت فيها وهي متضمنة للتعليق هي مع ذلك محتملة للمعية فنظروا لهذا مع ضعفه لتأيده بأصل بقاء العصمة المنافية للبينونة وكذلك على تحتمل المعية لإتيانها بمعناها نحو على حبه { لذو مغفرة للناس على ظلمهم } فكان ينبغي النظر فيها لذلك حتى يقع رجعيا قلت قد يفرق على بعد بأن تبادر المعية من الباء أظهر منه من على ويدل له أن بعض المحققين الملتزمين لحكاية جميع الأقوال لم يحك خلافا في كون الباء بمعنى مع بخلاف على بمعنى مع فإن حكى فيها خلافا بل أشار إلى أنه خلاف ما عليه الجمهور والحاصل أن الأوجه وقوعه رجعيا كما قدمته .