( فصل ) في الصيغة وما يتعلق بها ( ) إن قلنا : إنه صريح ، أو كناية ونواه به ( طلاق ) ينقص العدد ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى في قوله تعالى { الفرقة بلفظ الخلع الطلاق مرتان } الآية ذكر حكم الافتداء المرادف له الخلع بعد الطلقتين ثم ذكر ما يترتب على الطلقة الثالثة من غير ذكر وقوع ثالثة فدل على أن الثالثة هي الافتداء كذا قالوه ، ويرده الحديث الصحيح الآتي في ثالث فصل في الطلاق { } وحينئذ فيندفع جميع ما تقرر ( وفي قول ) نص عليه في القديم والجديد [ ص: 477 ] الفرقة بلفظ الخلع ، أو المفاداة إذا لم يقصد به طلاقا ( فسخ لا ينقص ) بالتخفيف في الأفصح ( عددا ) فيجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر ، واختاره كثيرون من أصحابنا المتقدمين والمتأخرين بل تكرر من أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الثالثة فقال : أو تسريح بإحسان البلقيني الإفتاء به ، واستدلوا له بالآية نفسها ؛ إذ لو كان الافتداء طلاقا لما قال فإن طلقها ، وإلا كان الطلاق أربعا أما الفرقة بلفظ الطلاق بعوض فطلاق ينقص العدد قطعا كما لو قصد بلفظ الخلع الطلاق لكن نقل الإمام عن المحققين القطع بأنه لا يصير طلاقا بالنية كما لو قصد بالظهار الطلاق
( تنبيه )
إن قلت : لم كان الفسخ لا ينقص العدد والطلاق ينقصه ، وما الفرق بينهما من جهة المعنى قلت : يفرق بأن أصل مشروعية الفسخ إزالة الضرر لا غير ، وهي تحصل بمجرد قطع دوام العصمة فاقتصروا به على ذلك ؛ إذ لا دخل للعدد فيه ، وأما الطلاق فالشارع وضع له عددا مخصوصا لكونه يقع بالاختيار لموجب وعدمه ففوض لإرادة الموقع من استيفاء عدده وعدمه ( فعلى الأول ) الأصح ( لفظ الفسخ كناية ) في الطلاق أي الفرقة بعوض المعبر عنها بلفظ الخلع فيحتاج لنية ؛ لأنه لم يرد في القرآن ( والمفاداة ) أي وما اشتق منها ( كخلع ) على القولين السابقين ، وكذا الآتيان فيه ( في الأصح ) لورودها في الآية السابقة ( ولفظ الخلع ) وما اشتق منه ( صريح ) في الطلاق ؛ لأنه تكرر على لسان [ ص: 478 ] حملة الشرع لإرادة الفراق فكان كالمتكرر في القرآن ( وفي قول كناية ) يحتاج للنية ؛ لأن صرائح الطلاق ثلاثة ألفاظ تأتي لا غير ، وأطال كثيرون في الانتصار له نقلا ودليلا .
( فعلى الأول ) الأصح ( لو جرى ) وما اشتق من لفظ الخلع ، أو المفاداة معها ( بغير ذكر مال وجب مهر مثل في الأصح ) لاطراد العرف بجريانه بمال فرجع عند الإطلاق لمهر المثل ؛ لأنه المراد كالخلع بمجهول ، ، وقضيته وقوع الطلاق جزما ، وإنما الخلاف هل يجب عوض ، أو لا ؟ وانتصر له جمع محققون ، وقالوا : إنه طريقة الأكثرين ، والذي في الروضة أنه عند عدم ذكر المال كناية ، وجمع جمع بحمل المتن أي من حيث الحكم لا الخلاف كما هو ظاهر للمتأمل على ما إذا نوى به التماس قبولها فقبلت فيكون حينئذ صريحا لما يأتي أن نية العوض مؤثرة هنا فكذا نية التماس قبول ما دل عليه ، وهو لفظ الخلع ونحوه مع قبولها والروضة على ما إذا نفى العوض ونوى الطلاق فيقع رجعيا ، وإن قبلت ونوى التماس قبولها ، وكذا لو أطلق لفظ خالعتك بنية الطلاق دون التماس قبولها ، وإن قبلت فعلم أن محل صراحته بغير ذكر مال إذا قبلت ونوى التماس قبولها ، وأن مجرد لفظ الخلع لا يوجب عوضا جزما ، وإن نوى به طلاقا ، وخرج ب معها ما لو جرى مع أجنبي فإنها تطلق مجانا [ ص: 479 ] كما لو جرى معه بنحو خمر .
فإن قلت : ظاهر هذا أنه لا يحتاج هنا إلى نية الطلاق به ، وحينئذ فيشكل بما مر أنه كناية ؛ إذ لا فرق في ذلك بينها وبين الأجنبي قلت يمكن الفرق ؛ لأنه معها محل الطمع في المال فعدم ذكره قرينة تقرب إلغاءه من أصله ما لم يصرفه عن ذلك بالنية ، وأما معه فلا طمع فلم تقم قرينة على صرفه عن أصله من إفادته الطلاق ، ويؤيد ذلك جعلهم له بنحو خمر مقتضيا لمهر المثل معها لا معه ، وظاهر أن وكيلها مثلها