( فصل ) في لو الألفاظ الملزمة للعوض ، وما يتبعها ، وظاهر أن مثل هذا عكسه كعليك كذا وأنت طالق وتوهم فرق بينهما بعيد ( ولم يسبق طلبها بمال وقع رجعيا قبلت أم لا ولا مال ) ؛ لأنه أوقع الطلاق مجانا ثم أخبر أن له عليها كذا بذكر جملة خبرية معطوفة على جملة الطلاق غير صالحة للشرطية ، أو العوضية فلم يلزمها لوقوعها ملغاة في نفسها ، وفارق قولها طلقني ، وعلي أو لك علي ألف فأجابها فإنه يقع بائنا بالألف بأن المتعلق بها من عقد الخلع هو الالتزام فحمل لفظها عليه ، وهو ينفرد بالطلاق ، فإذا خلا لفظه عن صيغة معاوضة حمل لفظه على ما ينفرد به نعم إن شاع عرفا أن ذلك للشرط كعلي صار مثله أي إن قصد به ، وليس مما تعارض فيه مدلولان لغوي وعرفي حتى يقدم اللغوي ؛ لأن ما هنا في لفظ شاع استعماله في شيء فقبلت إرادته له ، وذاك في تعارض المدلولين ولا إرادة فقدم الأقوى ، وهو اللغوي فإن قلت : هل يمكن توجيه إطلاق ( قال أنت طالق وعليك ) كذا ( أو ) أنت طالق ( ولي عليك كذا ) المتولي أن الاشتهار هنا جعله صريحا فلا يحتاج لقصد .
قلت نعم ؛ لأن كون الاشتهار لا يلحق الكناية بالصريح إنما هو في الكنايات الموقعة أما الألفاظ الملزمة فيكفي في صراحتها الاشتهار ألا ترى أن بعتك بعشرة دنانير ، وفي البلد نقد غالب يكون صريحا فيه ، وليس ذلك إلا لتأثير الاشتهار فيه فاندفع بما قررته أولا استشكال هذا بقولهم إذا تعارض مدلولان لغوي وعرفي قدم اللغوي وآخرا قول ابن الرفعة : إن هذا مبني على أن الصراحة تؤخذ من الاشتهار أي وهو ضعيف ويؤخذ من ذلك أنه لو قال بعتك ولي عليك ألف واشتهر في الثمنية صح البيع به ، وإن لم ينو ، وأفتى أبو زرعة فيمن بأنه يتعلق بها أي لغلبة ذلك وتبادر التعليق منه [ ص: 488 ] ومثله قال : أبرئيني وأنت طالق ، وقصد تعليق الطلاق بالبراءة فيما يظهر وإطلاق أعطيني ألفا وأنت طالق الزركشي الوقوع به بائنا كرد عبدي وأعطيك ألفا يرد بأن هذا ليس نظير الجعالة ؛ لأنه فيها ملتزم ، وفي مسألتنا ملزم وشتان ما بينهما أما إذا سبق طلبها بمال فيأتي ( فإن قال أردت به ما يراد بطلقتك بكذا ) ، وهو الإلزام ( وصدقته ) وقبلت ( فكهو ) لغة قليلة أي فكما لو قاله ( في الأصح ) فيقع بائنا بالمسمى ؛ لأن المعنى حينئذ وعليك كذا عوضا أما إذا لم تصدقه وقبلت فيقع بائنا مؤاخذة له بإقراره ثم إن حلفت أنها لا تعلم أنه أراد ذلك لم يلزمها له مال ، وإلا حلف ولزمها .
وأما إذا لم تقبل فلا يقع شيء إن صدقته ، أو كذبته وحلف يمين الرد ، وإلا وقع رجعيا ولا حلف ؛ لأنه لما لم يقبل قوله في هذه الإرادة صار كأنه قال ذلك ، ولم يرده ، ومر أنه رجعي واستشكل السبكي عدم قبول إرادته مع احتمال اللفظ لها إذ الواو تحتمل الحال فيتقيد الطلاق بحالة إلزامه إياها بالعوض فحيث لا إلزام لا طلاق قال : وهذا في الظاهر أما باطنا فلا وقوع ا هـ ويجاب عن إشكاله بأن العطف في مثل هذه الواو أظهر فقدموه على الحالية نعم لو كان نحويا وقصدها لم يبعد قبوله بيمينه ( وإن سبق ) [ ص: 489 ] ذلك طلبها بمال ، وقصد جوابها ، أو أطلق كما هو ظاهر ( بانت بالمذكور ) في كلامها إن عينته ؛ لأنه لو حذف وعليك لزم فمع ذكرها ، أولى فإذا أبهمته وعينه فهو كالابتداء ب طلقتك على ألف فإن قبلت بانت بالألف ، وإلا فلا طلاق ، وإن أبهمه أيضا ، أو اقتصر على طلقتك بانت بمهر المثل أما إذا قصد الابتداء وحلف حيث لم تصدقه فيقع رجعيا ، وكذا في كل سؤال وجواب ، واستبعده الأذرعي بأنه خلاف الظاهر .
( وإن فالمذهب أنه كطلقتك بكذا فإذا قبلت ) فورا في مجلس التواجب بنحو قبلت ، أو ضمنت ( بانت ووجب المال ) ؛ لأن على للشرط فإذا قبلت طلقت ودعوى أن الشرط في الطلاق يلغو إذا لم يكن من قضاياه كأنت طالق على أن لا أتزوج عليك يرد بأنه لا قرينة هنا على المعاوضة بوجه قال : أنت طالق على أن لي عليك كذا