( ويصح ) ؛ لأن الطلاق يستقل به الزوج ، والالتزام يتأتى من الأجنبي ؛ لأن الله - تعالى - سمى الخلع فداء كفداء الأسير ، وقد يحمله عليه ما يعلمه بينهما من الشر وهذا كالحكمة ، وإلا فلو قصد بندتها منه أنه يتزوجها صح أيضا لكنه يأثم فيما يظهر بل لو أعلمها بذلك فسق كما دل عليه الحديث الصحيح ( وهو كاختلاعها لفظا ) أي في ألفاظ الالتزام السابقة ( وحكما ) في جميع ما مر فهو من جانب الزوج ابتداء صيغة معاوضة بشوب تعليق فله الرجوع قبل القبول نظرا لشوب المعاوضة وقول اختلاع أجنبي ، وإن كرهت الزوجة الشارح نظرا لشوب التعليق وهم ، ومن جانب الأجنبي ابتداء معاوضة بشوب جعالة ففي تبين بالمسمى ويستثنى من قوله حكما نحو طلقها [ ص: 498 ] على ذا المغصوب ، أو الخمر ، أو قن زيد هذا فيقع رجعيا وفارق ما مر فيها بأن البضع وقع لها فلزمها بدله بخلافه ويؤخذ منه أنه لو طلقت امرأتي بألف في ذمتك فقبل وطلق امرأتك بألف في ذمتي فأجابه فخالع على ذلك وقع رجعيا ولا شيء له إلا أن يفرق بأن فساد العوض جاء ثم من لفظه ، وهو قوله : ذا الخمر مثلا المقتضي أنه لم يلتزم له عوضا لعدم حصول مقابل له . قال خالعتها على ما في كفك فقبل وهما يعلمان أنه لا شيء فيها
وهنا لا فساد في لفظه بل هو لفظ معاوضة صحيح ، وإنما غاية الأمر أنه لا شيء في كفه في الخارج ، وهذا يقتضي عدم البينونة ولزوم مهر المثل له عملا بظاهر الصيغة ويؤيده ما مر أنهم جعلوا هذا من العوض المقدر لا الفاسد ويأتي آخر التنبيه الآتي ما يصرح بهذا ولو خالع عن زوجتي رجل بألف صح من غير تفصيل لاتحاد الباذل بخلاف ما لو اختلعا به ويحرم اختلاعه في الحيض بخلاف اختلاعها كما سيذكره ، ومن خلع الأجنبي قول أمها مثلا خالعها على مؤخر صداقها في ذمتي فيجيبها فيقع بائنا بمثل المؤخر في ذمة السائلة كما هو ؛ لأن لفظة مثل مقدرة في نحو ذلك ، وإن لم تنو نظير ما مر في البيع فلو قالت ، وهو كذا لزمها ما سمته زاد ، أو نقص ؛ لأن المثلية المقدرة تكون حينئذ من حيث الجملة وبنحو ذلك أفتى أبو زرعة وأفتى أيضا في بأنه يقع رجعيا كما هو المقرر في خلع الأب بصداق بنته والدرهم الذي في ذمته لم يوقع الزوج الطلاق عليه فقط بل عليه ، وعلى البراءة من منجم صداقها ، ولم يحصل إلا بعض العوض وليس كالخلع بمعلوم ومجهول حتى يجب ما يقابل المجهول من مهر المثل ؛ لأنه لا يمكن إيجابه عليها لعدم سؤالها ، ولا على أبيها ؛ لأنه لم يسأل بمجهول له بل بمعلوم لهما وليس له السؤال به ا هـ ملخصا ، وهو مع ما قدمه في تلك مشكل ؛ لأنه حمل مؤخر الصداق في كلام الأم ثم على تقدير مثله حتى أوقعه بائنا بمثله ولم يحمل مؤجل الصداق هنا على ذلك لكنه أشار للجواب بأن الأم لما قالت في ذمتي كان قرينة ظاهرة على المثلية ، والأب [ ص: 499 ] لما لم يقل ذلك انصرف لعين الصداق لا لمثله والد زوجة خالع زوجها على مؤجل صداقها ، وعلى درهم في ذمته فأجابه وطلقها على ذلك
، ومن ثم أفتى أيضا فيمن سأل زوج بنته قبل الوطء أن يطلقها على جميع صداقها والتزم به والدها فطلقها واحتال من نفسه على نفسه لها ، وهي محجورته بأنه خلع على نظير صداقها في ذمة الأب بدليل الحوالة المذكورة نعم شرط صحة هذه الحوالة أن يحيله الزوج به لبنته ؛ إذ لا بد فيها من إيجاب وقبول ومع ذلك لا تصح إلا في نصف ذلك لسقوط نصف صداقها عليه ببينونتها منه فيبقى للزوج على الأب نصفه ؛ لأنه سأله بنظير الجميع في ذمته فاستحقه عليه والمستحق على الزوج النصف لا غير فطريقه أن يسأله الخلع بنظير النصف الباقي لمحجورته لبراءته حينئذ بالحوالة عن جميع دين الزوج ا هـ وسيعلم مما يأتي أن الضمان يلزمه به مهر المثل فالالتزام المذكور مثله ، وإن لم توجد حوالة ، وما ذكره من الاكتفاء بالقرينة مخالف لما يأتي عن شيخه البلقيني أنه لا بد معها من نية ذلك لكن الأول أوجه
( تنبيه )
أفهم قولهم لفظا من غير استثناء منه مع استثنائهم من الحكم أنه لو وقع بائنا ، وهو الوجه خلافا لمن زعم أنه رجعي ؛ لأنه تعليق محض ، أو لأن المبرئ لما لم يخاطبه لم يكن له رغبة في طلاقها ، وذلك ؛ لأن كلا من هذين التعليلين فاسد أما الأول فلأن كل ذي ذوق يفهم منه أنه معلق للطلاق على عوض من الأجنبي ، وقد صرحوا بأن العوض منه كهو منها [ ص: 500 ] وأما الثاني فلأن قائله لم يحط بكلامهم في هذا الباب الصريح في أنه لو قال : إن أبرأني فلان من كذا له علي فأنت طالق فأبرأه وقع بائنا به ؛ لأن قبوله كسؤاله له فيه فكذا إبراؤه كسؤاله ولا بحد الخلع الصريح في ذلك أيضا ، وفي الروضة في مبحث نكاح الشغار ما حاصله مع بيان الراجح منه لو قال : خالعت زوجتي على ألف في ذمة زيد وكان غائبا فبلغه فقبل وقع الطلاق قال طلق زوجته على أن يزوجه زيد بنته ، وصداق بنته بضع المطلقة ففعل ابن القطان بائنا وله مهر المثل على زيد كما أن لبنته على زوجها مهر المثل ، وهذا صريح في بطلان ذينك التعليلين ؛ لأن زيدا لم يسأل ولا خاطب وإنما المطلق ربط طلاق زوجته بتزويج زيد له فبتزويجه له جعل مختارا لطلاقها ولزمه مهر المثل ؛ لأن المطلق لم يطلق إلا في مقابل يسلم له ، وهو بضع التي تزوجها ولم يسلم له لما تقرر أنه يلزمه لها مهر المثل فعلم أن قبول العوض الذي ربط الطلاق به كسؤال الزوج به وأن كل تعليق للطلاق تضمن مقابلة البضع بعوض مقصود راجع لجهة الزوج يقع الطلاق به بائنا ثم إن صح العوض فيه ، وإلا فبمهر المثل على ما مر