( أو ) ( وقصد أن يقع في الحال مستندا إليه ) أي أمس أو نحوه ( وقع في الحال ) ؛ لأنه أوقعه حالا ، وهو ممكن وأسنده لزمن سابق ، وهو غير ممكن فألغي ، وكذا لو قصد أن يقع أمس أو أطلق أو تعذرت مراجعته لنحو موت أو خرس ، ولا إشارة له مفهمة ( وقيل : لغو ) نظرا لإسناده لغير ممكن ويرد بأن الإناطة بالممكن أولى ألا ترى إلى ما مر في له علي ألف من ثمن خمر أنه يلغى قوله من ثمن خمر ويلزمه الألف ( أو قصد أنه طلق أمس ، وهي الآن معتدة ) من طلاق رجعي أو بائن ( صدق بيمينه ) لقرينة الإضافة إلى أمس ثم إن صدقته فالعدة مما ذكر ، وإن كذبته أو لم تصدقه ، ولم تكذبه فمن حين الإقرار ( أو ) قال أردت أني ( طلقت ) ها أمس ( في نكاح آخر ) فبانت مني ثم جددت نكاحها أو أن زوجا آخر طلقها كذلك ( فإن عرف ) النكاح الآخر ، والطلاق فيه ولو بإقرارها ( صدق بيمينه ) في إرادة ذلك للقرينة ( وإلا ) يعرف ذلك ( فلا ) يصدق ، ويقع حالا لبعد دعواه هذا ما جريا عليه هنا ، وهو المنقول عن الأصحاب قال ( أنت طالق أمس ) أو الشهر الماضي أو السنة الماضية وللإمام احتمال جرى عليه في الروضة تبعا لنسخ أصلها السقيمة أنه يصدق لاحتماله ، وجزم به بعضهم ولو طلقت حالا أو بين الليل والنهار فإن كان نهارا فبالغروب أو ليلا فبالفجر قال : أنت طالق قبل أن تخلقي
( تنبيه ) ما تقرر في أنت طالق أمس من الوقوع حالا عملا بالممكن ، وهو الوقوع بأنت طالق وإلغاء لما لا يمكن ، وهو قوله أمس يوافقه الوقوع حالا في أنت طالق قبل أن تخلقي إلغاء لما لا يمكن ، وهو قبل أن تخلقي ، وفي أنت طالق لا في زمن إلغاء للمحال ، وهو لا في زمن ، وفي أنت طالق بين الليل والنهار على ما بحثه بعضهم مخالفا لمن سبقوه وعلله بأنه ليس لنا زمن بين الليل والنهار فهو كقوله : لا في زمن ، وقد تقرر حكمه ، وفي فيقع فيهما حالا إلغاء للمحال ، وهو ما بعد لام التعليل كذا قاله غير واحد ، وفيه نظر بل ملحظ الوقوع هنا حالا أن اللام فيما لا ينتظر له وقت للتعليل فهو كأنت طالق لرضا زيد فإنه يقع ، وإن لم يرض ، وقد يجاب بأنه لا مانع من أن يعلل بإلغاء المحال أيضا كما أشاروا إليه في للشهر الماضي ، ومن ثم قاس أنت طالق للبدعة ، ولا بدعة لها وللشهر الماضي شيخنا الوقوع حالا في أمس على الوقوع حالا في للبدعة ، ولا بدعة لها ، ولم يبال بما أفادته اللام لما ذكرته ، وفي فيقع حالا ، ويلغو قوله أثر في الماضي ؛ لأنه محال ، وفي أنت طالق الآن طلاقا أثر في الماضي إلغاء للمحال ، وهو قوله غدا ، وفي أنت طالق اليوم غدا إلغاء للمحال ، وهو اجتماعهما من جهة واحدة . أنت طالق طلقة سنية بدعية ، وهي في حال البدعة
وفي على أحد وجهين لم أر من رجح منهما شيئا وقياس كلام أنت طالق الطلقة الرابعة القاضي [ ص: 93 ] الآتي عدم الوقوع ويلحق بهذه المسائل فيقع صبيحة الغد ويلغو ذكر أمس ؛ لأنه علقه بالغد وبالأمس ، ولا يمكن الوقوع فيهما ، ولا الوقوع في أمس فتعين الوقوع في غد لإمكانه ، وحاصل هذا إلغاء المحال والأخذ بالممكن فهو كما مر في أنت طالق أمس ، ويخالف هذه الفروع كلها عدم الوقوع أصلا نظرا للمحال في أنت طالق بعد موتي أو معه ، وفي أنت طالق مع انقضاء عدتك ، وفي أنت طالق طلقة بائنة لمن يملك عليها الثلاث كما قاله أنت طالق أمس غدا أو غدا أمس من غير إضافة القاضي أو رجعية لمن لا يملك عليها سوى طلقة أو لغير موطوءة كما قاله القاضي أيضا قال في التهذيب وهو المذهب ، وفي فلا تطلق بمجيء الغد ، ولا بدخول الدار ؛ لأنه علقه بمجيء الغد فلا يقع قبله ، وإذا جاء الغد فقد فات اليوم أو الآن أي فلم يمكن إيقاعه بوجه ، وفي أنت طالق الآن أو اليوم إذا جاء الغد أو إذا دخلت الدار فلا يقع نظرا للمحال بأقسامه الثلاثة . أنت طالق إن جمعت بين الضدين أو نسخ رمضان أو تكلمت هذه الدابة
والحاصل منه أن الطلاق وقع حالا في أكثر الإحدى عشرة الأولى ، ولم ينظروا فيها للمحال الذي ذكره ، ولم يقع في الصور الأخرى التسع نظرا للمحال فيها ، وفي الفرق بين تلك وهذه بإبداء معنى أوجب إلغاء المحال في جميع تلك ومعنى آخر أوجب النظر للمحال في جميع هذه عسر أو تعذر لمن أمعن النظر في مدرك كل من تلك ، وكل من هذه فإن قلت : هذا الإشكال لا يتوجه ؛ لأن هذه [ ص: 94 ] الفروع المبددة بعضها مبني على أن المحال يمنع الوقوع ، وبعضها على أنه لا يمنعه ، والإشكال إنما جاء من ذكر المتأخرين لها كما ذكر قلت بل الإشكال متوجه وما ذكر ممنوع ألا ترى أن الشيخين قائلان بأن التعليق بالمحال يمنع الوقوع مع قولهما في أمس ونحوه بالوقوع إلغاء للمحال فإن قلت : يمكن الفرق بأن المحال إنما يمنع الوقوع إن وقع في التعليق لقولهم قد يكون القصد من التعليق به عدم الوقوع ، وهو قضية فرق بعضهم بين أنت طالق اليوم إذا جاء الغد وأنت طالق أمس غدا بأن الأول فيه لفظ صريح في التعليق فمنع الوقوع بخلاف الثاني قلت لا يطرد ذلك ؛ لأن أنت طالق أمس وقبل أن تخلقي ، ولا في زمن ونحوها مثل أنت طالق مع موتي أو بعده أو مع انقضاء عدتك أو طلقة بائنة أو رجعية في صورتيهما السابقتين فهذا تنجيز في الكل ربط بمحال فألغي تارة ، ولم يلغ أخرى .
فإن قلت : عللوا مع موتي ومع انقضاء عدتك بقولهم لم يقع لمصادفته البينونة وبه يفرق بين نحو هذين ونحو أمس فإن وقوعه هنا لا يصادف البينونة قلت لا يطرد ذلك أيضا ؛ لأن قياسه أن لا يقع في : قبل أن تخلقي لمصادفته عدم وجودها بالكلية ، وهو أولى بالرعاية من مصادفة البينونة وأيضا فالتعليل بمصادفة البينونة إنما هو بيان لوجه المحالية ، وهي لا تنحصر في ذينك فليس القصد به إلا بيان وجه الإحالة ، وإلا فأكثر صور المحال الذي منع الوقوع ليس فيها مصادفة بينونة فإن قلت : البحث بين الأصحاب في منع المحال بأقسامه الثلاثة للوقوع إنما هو في التعليق به كما أطبقت عليه عباراتهم ، والتعليق إنما يكون بمستقبل فألحقنا به كل تنجيز فيه الربط بمستقبل كمع موتي أو بعده أو مع انقضاء عدتك بخلاف تنجيز ليس فيه ذلك الربط بأن ربط بماض أو حال أو لم يربط بماض ، ولا مستقبل فإنه لا ينظر للمحال فيه كأمس وقبل أن تخلقي ، ولا في زمن وللشهر الماضي وطلاقا أثر في الماضي وطلقة سنية بدعية قلت الفرق بذلك ممكن لكن يرد عليه اليوم غدا حيث ألغوا غدا مع أنه مستقبل ، ويجاب بأن إلغاءه هنا لمعارضة ضده له ، وهو اليوم الأقوى لكونه حاضرا فقدمنا مقتضاه ثم ما قلناه في هذه الصور الأولى الإحدى عشرة بأسرها ، وهو إلغاء المحال ؛ لأنها غير مستقبلة .
وأما الصور الأخرى فالمستقبل منها صريحا بعد موتي في ومعه ومع انقضاء عدتك والآن إذا جاء الغد أو دخلت وغلب التعليق هنا على الآن ؛ لأنه أقوى لما تقرر أن الأصل في منع المحال أن يكون معلقا ، وبه فارق ما مر آنفا في اليوم غدا من إلغاء غدا دون اليوم ، وإن جمعت بين الضدين ، وما بعده نعم تبقى طلقة بائنة وطلقة رجعية والطلقة الرابعة فهذه ألغي المحال فيها مع أنها ليست بمستقبل ، وقد يجاب بأن هذه ألحقت بالمستقبل ؛ لأن المتبادر منها أنت طالق طلقة إن كانت رجعية ، وكذا الباقي المقتضي لبطلان ما وقع به التناقض فقط ، فحينئذ اتجه الفرق بين تلك المسائل الإحدى عشرة الأولى والتسع الأخيرة فتأمل ذلك كله فإنه مهم ، ولم يتعرضوا في شيء منه لما يشفي ، ولا نبهوا على تخالف في شيء من تلك الفروع لغيره مع ظهور المخالفة كما علمت فإن قلت : أي معنى أوجب الفرق بين المستقبل وغيره قلت العرف المفهوم من قولهم : في تعليل عدم الوقوع بالمحال [ ص: 95 ] لأن المعلق قد يقصد بالتعليق به منع الوقوع فعلمنا من هذا أن المستقبل يقصد به ذلك فأثر عدم الوقوع بخلاف غير المستقبل لا يقصد أهل العرف به ذلك فلم يؤثر في عدم الوقوع