( ولو قتل فقط لقطعه أثر الإلقاء أو حربي فلا قود على الملقي لما مر آنفا أو ( فالتقمه حوت ) قبل وصوله للماء أو بعده ولم يفرقوا بين علم ضراوته وعدمها ؛ لأنه إذا التقم فإنما يلتقم بطبعه فلا يكون إلا ضاريا ( وجب القصاص في الأظهر ) وإن جهله ؛ لأن الإلقاء حينئذ يغلب عنه الهلاك فلا نظر للمهلك كما لو ألقاه ببئر فيها سكاكين منصوبة لا يعلمها بخلاف ما لو ألقاه في ماء مغرق ) لا يمكنه التخلص منه فقده ملتزم فعليه دية شبه عمد وفيما إذا اقتص من الملقي فقذف الحوت من ابتلعه حيا لا يمنع وقوع القصاص موقعه كما قد يؤخذ من كلامهم فيما لو قلع من مثغور فقلعت سنه ثم عادت تلك إلا أن يفرق بأن العائد هنا عين الملقى وثم بدل المقلوع وشتان ما بينهما [ ص: 388 ] وحينئذ يحتمل وجوب دية المقتول كما لو شهدت بينة بموجب قود فقتل ثم بان المشهود بقتله حيا بجامع أنه في كل قتل بحجة شرعية ثم بان خلافها إلا أن يفرق بأن المقتول هنا لا تقصير منه ألبتة وفي مسألتنا فعله الذي قصد به هو السبب في قتله فناسب إهداره ثم رأيت بعض المحققين بحث هذا وقاسه على ما لو قتل مسلما ظنه كافرا بشرطه الآتي أي فإن هذا كما أهدر نفسه بفعله ما أوجب قتله فكذلك الملقي في مسألتنا ( أو غير مغرق ) فإن أمكنه الخلاص منه ولو بسباحة فالتقمه ( فلا ) قود بل دية شبه عمد ما لم يعلم أن به حوتا يلتقم ولم يتوان الملقى مع قدرته حتى التقمه وإلا فهدر كما هو ظاهر مما مر وإلا فالقود كما لو ألقمه إياه مطلقا دفعه دفعا خفيفا فوقع على سكين لا يعلمها
( تنبيه ) فصلوا هنا بين علمه بحوت يلتقم وعدمه وأطلقوا في الإلقاء في نحو المغرق وقالوا فيمن أنه عمد وكان الفرق أن المهلك في نفسه وهو الأخيران ونحوهما يعد فاعله قاتلا بما يقتل غالبا وإن جهل بخلاف المهلك في حالة دون أخرى لا يعد كذلك إلا إن علم ومر في علم الجوع السابق ويأتي قبيل ولا يقتل شريك مخطئ ما يؤيد ذلك فإن قلت يأتي في قوله وإن قتل السم وعلم وفي شرحه ما يخالف ذلك ضرب من جهل مرضه ضربا يقتل المريض فقط قلت ممنوع ؛ لأن ذاك فيه بناء فعل الإنسان على فعل غيره فاشترك علمه به فهو نظير ما مر في مسألة التجويع بخلاف ما هنا .