( ولو أشرفت سفينة ) بها متاع وراكب ( على غرق ) وخيف غرقها بما فيها ( جاز ) عند توهم النجاة بأن اشتد الأمر وقرب اليأس ولم يفد الإلقاء إلا على ندور أو عند غلبة ظن النجاة بأن لم يخش من عدم الطرح إلا نوع خوف غير قوي ( طرح متاعها ) حفظا للروح يعني ما يندفع به الضرر في ظنه من الكل أو البعض كما أشارت إليه عبارة أصله [ ص: 23 ] ( ويجب ) طرح ذلك ( لرجاء نجاة الراكب ) أي لظنها مع قوة الخوف لو لم يطرح وينبغي أي للمالك فيما إذا تولى الإلقاء بنفسه أو تولاه غيره كالملاح بإذنه العام له فاندفع ما للبلقيني هنا تقديم الأخف قيمة إن أمكن
ويجب إلقاء حيوان أيضا لظن نجاة آدمي أي محترم فالمهدر كحربي وزان محصن لا يلقى لأجله مال مطلقا بل ينبغي أن يلقى هو لأجل المال ويؤيده بحث الأذرعي أنه لو كان ثم أسرى وظهر للإمام المصلحة في قتلهم بدأ بهم قبل المال ولما قررت المتن بما حملت عليه حالة الجواز وحالة الوجوب بناء على فرضه أن فيها ذا روح وإلا فحمل الجواز على إلقاء متاعها كله لرجاء سلامتها أو بعضه لرجاء سلامة باقيه ظاهر رأيت من اعترضه بما يندفع بما ذكرته
وحاصله أن قوله لرجاء لا يصلح تعليلا لحالة الجواز والوجوب معا كما هو واضح فإن جعل تعليلا للوجوب فكيف يستقيم الجواز بدونه فالقياس الوجوب لرجاء نجاة الراكب مطلقا لأن كل ما كان ممنوعا منه إذا جاز وجب انتهى والقاعدة أغلبية على أن إتلاف المال لغرض صحيح كما هنا غير ممنوع فليس ما نحن فيه من هذه القاعدة
ثم رأيت البلقيني صرح ببعض ما ذكرته فقال إن حصل منه هول خيف منه الهلاك مع غلبة السلامة جاز الإلقاء لرجاء النجاة وإن غلب الهلاك مع ظن السلامة بالطرح وجب ثم رجح الاحتياج لإذن المالك ككل من له بالعين تعلق حق كالمرتهن وغرماء المفلس في حالة الجواز فيمتنع حينئذ إلقاء مال محجور إلا إذا ألقى الولي بعض أمتعته لسلامة باقيها أخذا مما مر أنه لو خاف ظالما على ماله جاز له بذل ما يندفع به عنه دون حالة الوجوب فلا فرق فيها بين مال المحجور وغيره ( فإن طرح ) ملاح أو غيره ( مال غيره ) ولو في حالة الوجوب ولا ينافيه ما مر آنفا لأن الإثم وعدمه يتسامح فيهما ما لا يتسامح في الضمان لأنه من باب خطاب الوضع ( بلا إذن ) منه له فيه ( ضمن ) هـ كأكل مضطر طعام غيره بغير إذنه ( وإلا ) بأن طرحه بإذن مالكه المعتبر الإذن ( فلا ) يضمنه ولو تعلق به حق للغير كمرتهن اشترط إذنه أيضا كما مر