( و ) منها إجماعا على قادر أمن على نفسه وعضوه وماله وإن قل كما شمله كلامهم ، بل وعرضه أخذا من جعلهم إياه عذرا في الجمعة مع كونها فرض عين إلا أن يفرق بأن لها شبه بدل وهو الظهر ، وإن كانت صلاة مستقلة على حيالها ، ثم رأيت بعضهم جزم بأن العرض كالمال وعلى غيره بأن لم يخف مفسدة عليه أكثر من مفسدة المنكر الواقع ، ويحرم مع الخوف على الغير ويسن مع الخوف على النفس ، والنهي عن الإلقاء باليد إلى التهلكة مخصوص بغير الجهاد ونحوه كمكره على فعل حرام غير زنا وقتل ولو فعل مكفر وأمن أيضا أن المنكر عليه لا يقطع نفقته وهو محتاج إليها ، ولا يزيد عنادا ولا ينتقل لما هو أفحش منه [ ص: 217 ] بأن لم يغلب على ظنه شيء من ذلك ، وإن ظن أنه لا يمتثل كما في الروضة وإن نوزع بنقل الإجماع على خلافه وإن ارتكب مثل ما ارتكب أو أقبح منه باليد فاللسان فالقلب ، سواء الفاسق وغيره ( بالمعروف ) أي : الواجب ( والنهي عن المنكر ) أي : المحرم ، لكن محله في واجب أو حرام مجمع عليه أو في اعتقاد الفاعل بالنسبة لغير الزوج إذ له ( الأمر ) مطلقا والقاضي ؛ إذ العبرة باعتقاده [ ص: 218 ] كما يأتي ، ومقلد من لا يجوز تقليده لكونه مما ينقض فيه قضاء القاضي . شافعيا منع زوجته الحنفية من شرب النبيذ
ويجب الإنكار على معتقد التحريم وإن اعتقد المنكر إباحته ؛ لأنه يعتقد أنه حرام بالنسبة لفاعله باعتبار عقيدته فلا إشكال في ذلك ، خلافا لمن زعمه بأنه مجمع عليه أو في اعتقاد الفاعل ، ولا لعالم أن ينكر مختلفا فيه حتى يعلم من الفاعل أنه حال ارتكابه معتقد لتحريمه كما هو ظاهر ؛ لاحتمال أنه حينئذ قلد من يرى حله أو جهل حرمته ، أما من ارتكب ما يرى إباحته بتقليد صحيح فلا يجوز الإنكار عليه ، لكن لو ندب للخروج من الخلاف برفق فلا بأس ، وإنما ، وليس لعامي يجهل حكم ما رآه أن ينكره حتى يخبره عالم لضعف أدلته ؛ ولأن العبرة بعد الرفع للقاضي باعتقاده فقط ، ولم يراع ذلك في ذمي رفع إليه لمصلحة تألفه لقبول الجزية ، والكلام في غير المحتسب ، أما هو فينكر وجوبا على حد الشافعي حنفيا شرب نبيذا يرى إباحته ، ويلزمه الأمر بهما ، ولكن لو احتيج إنكار ذلك لقتال لم يفعله إلا على أنه فرض كفاية ، وبهذا يجمع بين متفرقات كلماتهم [ ص: 219 ] من أخل بشيء من الشعائر الظاهرة ولو سنة كصلاة العيد والأذان
وليس لأحد نعم إن غلب على ظنه وقوع معصية ، ولو بقرينة ظاهرة كإخبار ثقة جاز له ، بل وجب عليه التجسس إن فات تداركها كالقتل والزنا وإلا فلا ، ولو توقف الإنكار على الرفع للسلطان لم يجب لما فيه من هتك وتغريم المال قاله البحث والتجسس واقتحام الدور بالظنون ، ابن القشيري وله احتمال بوجوبه إذا لم ينزجر إلا به وهو الأوجه ، ثم رأيت كلام الروضة وغيرها صريحا فيه . ( تنبيه )
ظاهر كلامهم أن من فروض الكفاية وفيه نظر ظاهر ، بل الوجه أنه فرض عين ؛ لأن المراد منهما [ ص: 220 ] به الكراهة والإنكار به ، وهذا لا يتصور فيه أن يكون إلا فرض عين فتأمله فإنه مهم نفيس . الأمر والنهي بالقلب