( وللغانمين ) ولو أغنياء وبغير إذن الإمام سواء من له سهم أو رضخ إلا الذمي كما اعتمده البلقيني واختيار التملك على سبيل الإباحة لا الملك فهو مقصور على انتفاعه كالضيف لا يتصرف فيما قدم إليه إلا بالأكل نعم له أن يضيف به من له التبسط وإقراضه بمثله منه بل وبيع المطعوم بمثليه ولا ربا فيه ؛ لأنه ليس بيعا حقيقيا . ( التبسط ) أي التوسع . ( في الغنيمة ) قبل القسمة
وإنما هو كتناول الضيفان لقمة بلقمتين فأكثر ومطالبته بذلك من المغنم فقط ما لم يدخلا دار الإسلام ويؤخذ منه أنه بعد الطلب يجبر على الدفع إليه من المغنم وفائدته : أنه يصير أحق به ولا يقبل منه ملكه ؛ لأن غير المملوك لا يقابل بمملوك . ( بأخذ ) ما يحتاجه لا أكثر منه وإلا أثم وضمنه كما لو أكل فوق الشبع سواء أخذ . ( القوت وما يصلح به ) كزيت وسمن . ( ولحم وشحم ) لنفسه لا لنحو طيره [ ص: 257 ] . ( و ) كل . ( طعام يعتاد أكله عموما ) أي على العموم كما بأصله لفعل الصحابة رضي الله عنهم لذلك رواه ؛ ولأن دار الحرب مظنة لعزة الطعام فيها وخرج بالقوت وما بعد غيره كمركوب وملبوس نعم إن اضطر لسلاح يقاتل به أو نحو فرس يقاتل عليها أخذه بلا أجرة ، ثم رده وبعموم ما يندر الاحتياج إليه كسكر وفانيد ودواء فلا يأخذ شيئا من ذلك فإن احتاجه فبالقيمة أو يحبسه من سهمه . ( وعلف ) ضبطه شارح بفتح اللام وشارح بسكونها فعلى الأول هو معطوف على القوت وتبنا وما بعده أحوال منه بتقدير الوصفية وعلى الثاني معطوف على أخذ وتبنا وما بعده معموله . ( الدواب ) التي يحتاجها للحرب أو الحمل وإن تعددت دون الزينة ونحوها . ( تبنا وشعيرا ونحوهما ) كفول ؛ لأن الحاجة تمس إليه كمؤنة نفسه البخاري أي لأكل ما يقصد أكله منه ولو غير لحم ككرش وشحم وجلد وإن تيسر بسوق للحاجة إليه أيضا نعم ينبغي في خيل لحرب المحتاج إليها فيها منع ذبحها بدون اضطرار ؛ لأن من شأنه إضعافنا ونازع . ( وذبح ) حيوان . ( مأكول للحمه ) البلقيني في ذبح المأكول بأن قضية خبر منعه وهو { البخاري } ويرد بأن هذه واقعة فعلية محتملة أنهم ذبحوا زائدا على الحاجة فأنبهم صلى الله عليه وسلم بذلك ويدل له قول الراوي عجلوا وذبحوا وحينئذ فلا دليل فيها ويجب رد جلده الذي لا يؤكل معه عادة إلى المغنم وكذا ما اتخذه منه كسقاء وحذاء وإن زادت قيمته بالصنعة لوقوعها هدرا بل إن نقص بها أو استعمله لزمه النقص أو الأجرة أصاب الناس الجوع فأصبنا إبلا وغنما وكان صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور فأمر صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت ، ثم قسم فعدل عشرا من الغنم ببعير
أما إذا ذبحه لأجل جلده الذي لا يؤكل فلا يجوز وإن احتاجه لنحو خف ومداس . ( والصحيح كما قاله صاحب المهذب وظاهره أنه لا فرق بين ما من السكر وغيره لكن ينافيه ما مر في الفانيد إذ هو عسل السكر المسمى بالمرسل كما مر في الربا إلا أن يفرق بأن تناول الحلوى غالب والفانيد نادر كما هو الواقع وذلك ؛ لأن ذلك قد يحتاج إليه لاشتهائه طبعا وقد صح أن الصحابة كانوا يأخذون العسل أي الذي من النحل إذ هو المراد منه حيث أطلق والعنب . ( و ) الصحيح أنه . ( لا تجب قيمة المذبوح ) [ ص: 258 ] لأجل نحو لحمه كما لا تجب قيمة الطعام . ( و ) الصحيح . ( أنه لا يختص الجواز بمحتاج إلى طعام وعلف ) بفتح اللام بل يجوز أخذ ما يحتاج إليه منهما إلى وصول دار الإسلام وإن كانا معه لورود الرخصة بذلك من غير تفصيل نعم إن قل الطعام وازدحموا عليه آثر الإمام به ذوي الحاجات وله التزود لمسافة بين يديه كذا عبروا به وظاهره أنه لا يتزود لما خلفه في رجوعه منه إلى دارنا والذي يتجه أن له ذلك أيضا وأن التعبير بذلك مجرد تصوير أو للغالب . ( و ) الصحيح . ( أنه جواز الفاكهة ) رطبها ويابسها والحلوى ؛ لأنه أجنبي عنهم كغير الضيف مع الضيف وقضية عبارته كأصله والروضة جوازه لمن لحق بعد الحرب وقبل الحيازة أو معها وقضية العزيز وتبعه الحاوي أنه لا يستحق وعلى الأول يفرق بينه وبين عدم استحقاقه للغنيمة بأن التبسط أمر تافه فسومح فيه ما لم يسامح فيها ، ثم رأيت لا يجوز ذلك لمن لحق الجيش بعد الحرب والحيازة ) شيخنا فرق بذلك . ( و ) الصحيح . ( أن من رجع إلى دار الإسلام ) ووجد حاجته بلا عزة وهي ما في قبضتنا وإن سكنها أهل ذمة أو عهد . ( ومعه بقية لزمه ردها إلى المغنم ) أي محل اجتماع الغنائم قبل قسمتها وفي الصحاح أن المغنم يأتي بمعنى الغنيمة وتصح إرادته هنا ؛ لأنها المال المغنوم فاتضح صنيع من فسره بالمحل ومن فسره بالمال وذلك لتعلق حق الجميع به وقد زالت الحاجة إليه ، أما بعد قسمتها فيرد للإمام ليقسمه إن أمكن وإلا رده للمصالح .
( وموضع التبسط دارهم ) أي الحربيين ؛ لأنها محل العزة أي من شأنها ذلك فلا ينافي حله ولو مع وجوده ، ثم للبيع فإذا رجعوا لدارنا وتمكنوا من الشراء أمسكوا وخرج بدارهم دارنا لكن اعتمد البلقيني قول القاضي لو جاز التبسط . كان الجهاد بدارنا ولم يتيسر شراء طعام
( وكذا ) في غير دارهم كخراب دارنا . ( ما لم يصل عمران الإسلام ) وهو ما يجدون فيه الطعام والعلف لا مطلق عمرانه . ( في الأصح ) لبقاء الحاجة إليه والوصول لنحو أهل هدنة في دارهم ولم يمتنعوا من مبايعة من مر بهم كهو لعمراننا . ( تنبيه )
قوله : وموضع التبسط إلخ معلوم من قوله وأن من رجع إلخ فالتصريح به إيضاح وقد يقال ليس معلوما منه من كل وجه بل يستفاد من هذا ما لم يستفد من ذاك ؛ لأن مفاد ذاك أن الوصول لدار الإسلام موجب لرد ما بقي ومن هذا أن وصولهم لدار الإسلام مانع من الأخذ أي إن تمكنوا من الشراء ولم يكن الجهاد بها فهما حكمان مختلفان فوجب التصريح بهما لذلك