( والصحيح أن سواد العراق ) من إضافة الجنس إلى بعضه إذ السواد أزيد من العراق بخمسة وثلاثين فرسخا ؛ لأن مساحة العراق مائة وخمسة وعشرون فرسخا في عرض ثمانين والسواد مائة وستون في ذلك العرض وجملة سواد العراق بالتكسير عشرة آلاف فرسخ قاله الماوردي كذا ذكره شارح وهو غير صحيح إذ حاصل ضرب طول العراق في عرضه عشرة آلاف وطول السواد في عرضه اثنا عشر ألفا وثمانمائة فالتفاوت بينهما ألفان وثمانمائة وهو حاصل ضرب الخمسة والثلاثين لزائدة في طول السواد في ثمانين التي هي العرض وحينئذ فصواب العبارة وجملة العراق سمي سوادا لكثرة زرعه وشجرة والخضرة ترى من البعد سوادا وعراقا فالاستواء أرضه وخلوها عن الجبال والأودية إذ أصل العراق الاستواء . ( فتح ) في زمن عمر رضي الله عنه . ( عنوة ) بفتح أوله أي قهرا لما صح عنه أنه قسمه في جملة الغنائم ولو كان صلحا لم يقسمه .
( وقسم ) بينهم كما تقرر . ( ثم ) بعد ملكهم له بالقسمة واستمالة عمر رضي الله عنه قلوبهم . ( بذلوه ) له أي الغانمون وذووا القربى ، وأما أهل أخماس الخمس الأربعة فالإمام لا يحتاج في وقف حقهم إلى بذل ؛ لأن له أن يعمل في ذلك بما فيه المصلحة لأهله .
( ووقف ) [ ص: 262 ] ما عدا مساكنه وأبنيته أي وقفه عمر . ( على المسلمين ) وأجره لأهله إجارة مؤبدة للمصلحة الكلية بخراج معلوم يؤدونه كل سنة فجريب الشعير درهمان والبر أربعة والشجر وقصب السكر ستة والنخل ثمانية وقيل عشرة والعنب عشرة والزيتون اثنا عشر وجملة مساحة الجريب ثلاثة آلاف وستمائة ذراع والباعث له على وقفه خوف اشتغال الغانمين بفلاحته عن الجهاد وقيل : لئلا يختصوهم وذريتهم به عن بقية المسلمين . ( وخراجه ) زرعا أو غرسا . ( أجرة ) منجمة . ( تؤدى كل سنة ) مثلا ( لمصالح المسلمين ) يقدم الأهم فالأهم فعلى هذا يمتنع بيع شيء مما عدا أبنيته ومساكنه وقيل لم يقفه بل باعه لأهله بثمن منجم على ممر الزمان للمصلحة أيضا وهو الخراج ؛ لأن الناس لم يزالوا يبيعونه من غير إنكار ورد بأن عمر أنكر على من اشترى شيئا منه وأبطل شراءه ونازع في ذلك البلقيني بأنه لم يصح عنه إجارة ولا بيع ، وإنما أقرها في أيدي أهلها بخراج ضربه عليهم وابن عبد السلام بأن الحكم بالوقف على ذي اليد من غير بينة ولا إقرار لا يوافق قواعدنا إذ اليد لا تزال شرعا بمجرد خبر صحيح ويرد الأول بأن إبقاءها بأيديهم بالخراج في معنى الإجارة بل هو إجارة بناء على جواز المعاطاة والثاني بأن محل ذلك في يد لم يعلم أصل وضعها فهذه هي التي لا تنزع بخبر صحيح من غير بينة ولا إقرار
أما ما علم أصل وضع اليد عليه وأنها غير يد ملك لكونه لا يملك فيعمل بذلك من سائر الأيدي بعدها ألا ترى أن الخلاف في ملك مكة لأهلها وعدمه استند لغير بينة ولا إقرار من ذي اليد وليس ملحظه إلا ما قررته من العلم بأصل الوضع عند كل من المجتهدين بما ظهر له من الدليل بل مما يتعجب منه أنه أفتى بهدم ما بالقرافة من الأبنية مستندا في ذلك لما ورد أن عمر وقفها على موتى المسلمين . ( وهو ) أي السواد . ( من ) أول . ( عبادان ) بتشديد الموحدة . ( إلى ) آخر . ( حديثة الموصل ) بفتح أوليهما . ( طولا [ ص: 263 ] ومن ) أول ( القادسية ) ومن عذيبها وهو بضم أوله وفتح ثانيه المعجم قريب من الكوفة ( إلى ) آخر ( حلوان ) بضم المهملة ( عرضا ) بإجماع المؤرخين .
( قلت الصحيح أن البصرة ) بتثليث أوله والفتح أفصح وتسمى قبة الإسلام وخزانة العرب ( وإن كانت داخلة في حد السواد فليس لها حكمه ) ؛ لأنها كانت سبخة أحياها عثمان بن أبي العاص في زمن وعتبة بن غزوان عمر رضي الله عنهم سنة سبعة عشر بعد فتح العراق . ( إلا في موضع غربي دجلتها ) بفتح أوله وكسرها ويسمى نهر الصراة . ( وموضع شرقيها ) أي الدجلة ويسمى الفرات وعكس ذلك شارحان والأشهر بل المعروف ما قررناه . ( و ) الصحيح . ( ) ؛ لأنه لم يدخل في وقفه كما مر . ( والله أعلم ) أن ما في السواد من الدور والمساكن يجوز بيعه
ومحله في البناء دون الأرض لشمول الوقف لها ومن ثم قال الزركشي كالأذرعي يشبه أن محل وإلا امتنع وعليه حمل ما نقله جواز بيع البناء ما إذا كانت الآلة من غير أجزاء الأرض الموقوفة البلقيني عن النص من أن الموجود منها حال الفتح وقف لا يجوز بيعه ا هـ وهو بعيد والذي يتجه حمله على أنه مبني على الضعيف أن عمر وقف حتى الأبنية وليس لمن بيده أرض من السواد تناول ثمر أشجارها لما مر أنها في أيديهم بالإجارة فيصرفه أو ثمنه الإمام لمصالح المسلمين