يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله في كل ما تأتون وما تذرون يجعل لكم بسبب ذلك الاتقاء فرقانا أي: هداية ونورا في قلوبكم تفرقون به بين الحق والباطل كما روي عن ابن جريج: أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين كما قال وابن زيد، أو نجاة في الدارين كما هو ظاهر كلام الفراء، أم مخرجا من الشبهات كما جاء عن السدي، أو ظهورا يشهر أمركم وينشر صيتكم كما يشعر به كلام مقاتل، محمد بن إسحاق - من بت أفعل كذا حتى سطع الفرقان - أي: الصبح، وكل المعاني ترجع إلى الفرق بين أمرين، وجوز بعض المحققين الجمع بينها. ويكفر عنكم سيئاتكم أي: يسترها في الدنيا. ويغفر لكم بالتجاوز عنها في الأخرى فلا تكرار، وقد يقال: مفعول يغفر الذنوب وتفسر بالكبائر وتفسر السيئات بالصغائر، أو يقال: المراد ما تقدم وما تأخر؛ لأن الآية في أهل بدر وقد غفر لهم.
ففي الخبر: بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». «لعل الله تعالى اطلع على أهل
والله ذو الفضل العظيم تعليل لما قبله وتنبيه على أن ما وعد لهم على التقوى تفضل منه سبحانه وإحسان، وأنها بمعزل عن أن توجب عليه جل شأنه [ ص: 197 ] شيئا، قيل: ثم إنه عز وجل لما ذكر من ذكر نعمته بقوله تعالى: ومن عظيم فضله تعالى أنه يتفضل من غير واسطة وبدون التماس عوض ولا غيره سبحانه، واذكروا إذ أنتم قليل إلخ ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام النعمة الخاصة به بقوله عز من قائل: