ثم يتوب الله من بعد ذلك التعذيب على من يشاء أن يتوب عليه منهم لحكمة تقتضيه والمراد يوفقه للإسلام والله غفور يتجاوز عما سلف منهم من الكفر والمعاصي ( رحيم ) يتفضل عليهم ويثيبهم بلا وجوب عليه سبحانه ، روى عن البخاري المسور بن مخرمة " أن أناسا منهم جاءوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبايعوه على الإسلام وقالوا : يا رسول الله أنت خير الناس [ ص: 76 ] وأبر الناس وقد سبي أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا ، وقد سبي يومئذ ستة آلاف نفس وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى فقال عليه الصلاة والسلام : إن عندي ما ترون إن خير القول أصدقه اختاروا إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم قالوا : ما كنا نعدل بالأحساب شيئا، فقام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن هؤلاء جاءونا مسلمين وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال فلم يعدلوا بالأحساب شيئا، فمن كان بيده شيء وطابت به نفسه أن يرده فشأنه، ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه قالوا : قد رضينا وسلمنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : إنا لا ندري لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا فرفعت إليه صلى الله تعالى عليه وسلم العرفاء أنهم قد رضوا " .