المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض أي متشابهون في النفاق كتشابه أبعاض الشيء الواحد ، والمراد الاتحاد في الحقيقة والصورة كالماء والتراب ، والآية متصلة بجميع ما ذكر من قبائحهم ، وقيل : هي متصلة بقوله تعالى : ويحلفون بالله إنهم لمنكم والمراد منها تكذيب قولهم المذكور وإبطال له وتقرير لقوله سبحانه : وما هم منكم وما بعد من تغاير صفاتهم وصفات المؤمنين كالدليل على ذلك ، و ( من ) على التقريرين اتصالية كما في قوله عليه الصلاة والسلام : " هارون من موسى " والتعرض لأحوال الإناث للإيذان بكمال عراقتهم في الكفر والنفاق أنت مني بمنزلة يأمرون بالمنكر أي بالتكذيب بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وينهون عن المعروف أي : شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما أنزل الله تعالى كما أخرجه عن ابن أبي حاتم رضي الله تعالى عنهما . ابن عباس
وأخرج عن أنه قال : كل منكر ذكر في القرآن المراد منه عبادة الأوثان والشيطان ، ولا يبعد أن يراد بالمنكر والمعروف ما يعم ما ذكر وغيره ويدخل فيه المذكور دخولا أوليا ، والجملة استئناف مقرر [ ص: 133 ] لمضمون ما سبق مفصح عن مضادة حالهم لحال المؤمنين أو خبر ثان أبي العالية ويقبضون أيديهم عن الإنفاق في طاعة الله ومرضاته كما روي عن ، قتادة ، وقبض اليد كناية عن الشح والبخل كما أن بسطها كناية عن الجود لأن من يعطي يمد يده بخلاف من يمنع ، وعن والحسن أن المراد يمسكون أيديهم عن الجهاد في سبيل الله تعالى وهو خلاف الشائع في هذه الكلمة الجبائي نسوا الله النسيان مجاز عن الترك وهو كناية عن ترك الطاعة فالمراد لم يطيعوه سبحانه ( فنسيهم ) منع لطفه وفضله عنهم ، والتعبير بالنسيان للمشاكلة إن المنافقين هم الفاسقون أي الكاملون في التمرد والفسق الذي هو الخروج عن الطاعة والانسلاخ عن كل حتى كأنهم الجنس كله ، ومن هنا صح الحصر المستفاد من الفصل وتعريف الخبر وإلا فكم فاسق سواهم .
والإظهار في مقام الإضمار لزيادة التقرير ، ولعله لم يذكر المنافقات اكتفاء بقرب العهد ، ومثله في نكتة الإظهار قوله سبحانه : وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار أي : المجاهرين فهو من عطف المغاير ، وقد يكون من عطف العام على الخاص نار جهنم خالدين فيها حال مقدرة من مفعول.