وأخرج ، ابن أبي حاتم عن وابن مردويه قال : الحسن ، عمران بن حصين وأبا هريرة عن تفسير ومساكن طيبة فقالا : على الخبير سقطت؛ سألنا عنها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : " قصر من لؤلؤة في الجنة في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء في كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة، في كل مائدة سبعون لونا من كل طعام، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة فيعطى المؤمن من القوة في كل غداة ما يأتي على ذلك كله " سألت في جنات عدن قيل : هو علم لمكان مخصوص بدليل قوله تعالى : جنات عدن التي وعد الرحمن حيث وصف فيه بالمعرفة ، ولما أخرجه ، البزار في المختلف والمؤتلف ، والدارقطني من حديث وابن مردويه قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " أبي الدرداء عدن دار الله تعالى لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة : النبيون ، والصديقون ، والشهداء يقول الله سبحانه طوبى لمن دخلك " وروي عن أن في الجنة قصرا يقال له: عدن، حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها بطنان الجنة وسرتها ، وقال ابن مسعود عطاء بن السائب : عدن نهر في الجنة جناته على حافاته ، وقيل : العدن في الأصل الاستقرار والثبات ويقال : عدن بالمكان إذا أقام ، والمراد به هنا الإقامة على وجه الخلود لأنه الفرد الكامل المناسب لمقام المدح أي في جنات إقامة وخلود ، وعلى هذا الجنات كلها جنات عدن لا يبغون عنها حولا، والتغاير بين المساكن والجنات المشعر به العطف إما ذاتي بناء على أن يراد بالجنات غير عدن وهي لعامة المؤمنين وعدن للنبيين عليهم الصلاة والسلام والصديقين والشهداء أو يراد بها البساتين أنفسها وهي غير المساكن كما هو ظاهر ، فالوعد حينئذ صريحا بشيئين البساتين والمساكن فلكل أحد جنة ومسكن، وإما تغاير وصفي فيكون كل منهما عاما ولكن الأول باعتبار اشتمالها على الأنهار والبساتين، والثاني لا بهذا الاعتبار ، وكأنه وصف ما وعدوا به [ ص: 137 ] أولا بأنه من جنس ما هو أشرف الأماكن المعروفة عندهم من الجنات ذات الأنهار الجارية لتميل إليه طباعهم أول ما يقرع أسماعهم ثم وصفه بأنه محفوف بطيب العيش معرى عن سوائب الكدورات التي لا تكاد تخلو عنها أماكن الدنيا وأهلها وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ثم وصف بأنه دار إقامة بلا ارتحال وثبات بلا زوال، ولا يعد هذا تكرارا لقوله سبحانه : خالدين فيها كما لا يخفى ثم وعدهم جل شأنه كما يفهم من الكلام هو ما أجل وأعلى من ذلك كله بقوله تبارك وتعالى : ورضوان من الله أي وقدر يسير من رضوانه سبحانه ( أكبر ) ولقصد إفادة ذلك عدل عن رضوان الله الأخصر إلى ما في النظم الجليل ، وقيل : إفادة العدول كون ما ذكر أظهر في توجه الرضوان إليهم ، ولعله إنما لم يعبر بالرضا تعظيما لشأن الله تعالى في نفسه لأن في الرضوان من المبالغة ما لا يخفى، ولذلك لم يستعمل في القرآن إلا في رضاء الله سبحانه ، وإنما كان ذلك أكبر لأنه مبدأ لحلول دار الإقامة ووصول كل سعادة وكرامة وهو غاية أرب المحبين ومنتهى أمنية الراغبين .
وقد أخرج الشيخان ، وغيرهما عن قال : " قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أبي سعيد الخدري " ولعل عدم نظم هذا الرضوان في سلك الوعد على طرز ما تقدم مع عزته في نفسه لأنه متحقق في ضمن كل موجود ولأنه مستمر في الدارين ( إن الله تعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون : ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك يا ربنا؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ذلك ) أي : جميع ما ذكر هو الفوز العظيم دون ما يعده الناس فوزا من حظوظ الدنيا، فإنها مع قطع النظر عن فنائها وتغيرها وتنغصها بالآلام ليست بالنسبة إلى أدنى شيء من نعيم الآخرة إلا بمثابة جناح البعوض ، وفي الحديث " " ولله در من قال : لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء
تالله لو كانت الدنيا بأجمعها تبقى علينا وما من رزقها رغدا ما كان من حق حر أن يذل بها
فكيف وهي متاع يضمحل غدا