ألا يا نسيم الريح ما لك كلما تقربت منا زاد نشرك طيبا أظن سليمى خبرت بسقامنا
فأعطتك رياها فجئت طبيبا
فبتنا على رغم الحسود وبيننا شراب كريح المسك شيب به الخمر
فوسدتها كفي وبت ضجيعها وقلت لليلي طل فقد رقد البدر
فلما أضاء الصبح فرق بيننا وأي نعيم لا يكدره الدهر
وكأنه حمل البغي على الطلب وضمنه معنى الاشتغال أي يطلبون في الأرض مشتغلين بغير الحق سبحانه وهو المعاش الذي به قوام أبدانهم ويشكل أمر الوعيد المنبئ به فننبئكم إلخ على هذا التأويل وما قبله لأن ما يقع في السكر لا وعيد عليه وكذا طلب المعاش وانظر هل يصح أن يقال: إن الأمر من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين؟ ثم إنه سبحانه مثل الحياة في سرعة زوالها وانصرام نعيمها غب إقبالها واغترار صاحبها بها بما أشار إليه سبحانه بقوله جل وعلا: كماء أنزلناه إلخ وفيه إشارة إلى ما يعرض والعياذ بالله تعالى لمن سبقت شقاوته في الأزل من الحور بعد الكور فبينما تراه وأحواله حالية وأعوامه عن شوائب الكدر خالية وغصون أنسه متدلية ورياض قربه مونقة قلب الدهر له ظهر المجن وغزاه بجيوش المحن وهبت على هاتيك الرياض عاصفات القضاء وضاقت عليه فسيحات الفضاء وذهب السرور والأنس وجعل حصيدا كأن لم يغن بالأمس وأنشد لسان حاله:
قف بالديار فهذه آثارهم نبكي الأحبة حسرة وتشوقا
كم قد وقفت بهنا أسائل مخبرا عن أهلها أو صادقا أو مشفقا
فأجابني داعي الهوى في رسمها فارقت من تهوى فعز الملتقى
لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسرحت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم