nindex.php?page=treesubj&link=28752_30549_31907_32022_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77قال موسى استئناف بياني كأنه قيل: فماذا قال لهم
موسى عليه السلام فقيل: قال لهم على سبيل الاستفهام الإنكاري التوبيخي:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أتقولون للحق الذي هو أبعد شيء من السحر الذي هو الباطل البحت
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77لما جاءكم أي حين مجيئه إياكم ووقوفكم عليه وهو الذي يقتضيه ما أشير إليه آنفا أو من أول الأمر من غير تأمل وتدبر كما قيل، وأيا ما كان فهو مما ينافي القول الذي في حيز الاستفهام، والمقول محذوف ثقة بدلالة ما قبل وما بعد عليه وإيذانا بأنه مما لا ينبغي أن يتفوه به ولو على نهج الحكاية أي أتقولون له ما تقولون من أنه سحر مبين يعني به أنه مما لا يمكن أن يقوله قائل ويتكلم به متكلم، وجوز أن يكون مقول القول قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أسحر هذا على أن مقصودهم بالاستفهام تقريره عليه السلام لا الاستفهام الحقيقي لأنهم قد بتوا القول بأنه سحر فكيف يستفهمون عنه والمحكي في أحد الموضعين مفهوم قولهم ومعناه وإلا فالقصة واحدة والصادر فيها بحسب الظاهر إحدى المقالتين ولا يخفى ضعفه وأن يكون القول بمعنى العيب والطعن من قولهم: فلان يخاف القالة وبين الناس تقاول إذا قال بعضهم لبعض ما يسوءه ونظيره الذكر في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=60سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وحينئذ يستغنى عن المفعول واللام لبيان المطعون فيه كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23هيت لك أي أتعيبونه وتطعنون فيه وعلى هذا الوجه وكذا الوجه الأول يكون قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أسحر هذا إنكارا مستأنفا من جهة
موسى عليه السلام لكونه سحرا وتكذيب لقولهم وتوبيخ لهم عليه إثر توبيخ وتجهيل إثر تجهيل، أما على الوجه المتقدم فظاهر وأما على الوجه الأخير فوجه إيثار إنكار كونه سحرا على إنكار كونه معيبا بأن يقال: أفيه عيب حسبما يقتضيه ظاهر الإنكار السابق التصريح بالرد عليهم في خصوصية ما عابوه به بعد التنبيه بالإنكار الأول على أنه ليس فيه شائبة عيب ما، وتقديم الخبر للإيذان بأنه مصب الإنكار وما في اسم الإشارة من معنى القرب لزيادة تعيين المشار إليه واستحضار ما فيه من الصفات الدالة على كونه آية باهرة من آيات الله تعالى المنادية على امتناع كونه سحرا هذا الذي أمره واضح مكشوف وشأنه مشاهد معروف بحيث لا يرتاب فيه أحد ممن له عين مبصرة، وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77ولا يفلح الساحرون 77 تأكيد للإنكار السابق وما فيه من التوبيخ والتجهيل وقد استلزم القول بكونه سحرا القول بكون من أتى به ساحرا، والجملة في موضع الحال من ضمير المخاطبين والرابط الواو بلا ضمير كما في قوله: جاء الشتاء ولست أملك عدة ، وقولك: جاء زيد ولم تطلع الشمس، أي أتقولون للحق إنه سحر والحال أنه لا يفلح فاعله أي لا يظفر بمطلوب ولا ينجو من مكروه وأنا قد أفلحت وفزت بالحجة ونجوت من الهلكة، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أسحر هذا معترضة بين الحال وذيها لتأكيد الإنكار السابق ببيان استحالة كونه سحرا بالنظر إلى ذاته قبل بيان استحالته بالنظر إلى صدوره منه عليه السلام، ومن جعلها مقول القول أبقى الحالية على حالها، ولا اعتراض عنده وكان المعنى على ذلك أتحملوني على الإقرار بأنه سحر وما أنا عليه من الفلاح دليل على أن بينه وبين السحر أبعد مما بين المشرق والمغرب، وقيل: يجوز أن تكون هذه الجملة كالتي قبلها في حيز قولهم وهي حالية أيضا لكن على نمط آخر والاستفهام مصروف إليها والمعنى أجئتنا بسحر تطلب به الفلاح والحال أنه لا يفلح الساحر أو هم يتعجبون من فلاحه وهو ساحر ولا يخفى أن السباق والسياق يأبيان
[ ص: 165 ] هذا التجويز فلا ينبغي حمل النظم الجليل على ذلك وفي إرشاد العقل السليم أن تجويز أن يكون الكل مقول القول مما لا يساعده النظم الكريم أصلا، أما أولا فلأن ما قالوا هو الحكم بأنه سحر من غير أن يكون فيه دلالة على ما تعسف فيه من المعنى بوجه من الوجوه فصرف جوابه عليه السلام عن صريح ما خاطبوه به إلى ما لا يفهم منه مما يجب تنزيه التنزيل عن أمثاله وكون ذلك اعتراضا عن رد الإنكار السابق إلى رد ما هو أبلغ منه في الإنكار لا أراه يحسن الالتفات هنا إلى قبول ذلك التجويز في كلام الله تعالى العزيز .
وأما ثانيا فلأن التعرض لعدم إفلاح السحرة على الإطلاق من وظائف من يتمسك بالحق المبين دون الكفرة المتشبثين بأذيال بعض منهم في معارضته عليه السلام ولو كان ذلك كلامهم لناسب تخصيص عدم الإفلاح بمن زعموه ساحرا بناء على غلبة من يأتون به من السحرة، والاعتذار بأن التشبث بأذيال بعض السحرة لا ينافي التعرض لعدم إفلاحهم على الإطلاق لجواز أن يكون اعتقادهم عدم الفلاح مطلقا وتشبثهم بعد بما تشبثوا به من باب تلقي الباطل بالباطل لا أراه إلا من باب تشبث الغريق بالحشيش،
nindex.php?page=treesubj&link=28752_30549_31907_32022_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77قَالَ مُوسَى اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ لَهُمْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقِيلَ: قَالَ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ التَّوْبِيخِيِّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي هُوَ الْبَاطِلُ الْبَحْتُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77لَمَّا جَاءَكُمْ أَيْ حِينَ مَجِيئِهِ إِيَّاكُمْ وَوُقُوفِكُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَا أُشِيرَ إِلَيْهِ آنِفًا أَوْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ كَمَا قِيلَ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ مِمَّا يُنَافِي الْقَوْلَ الَّذِي فِي حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْمَقُولُ مَحْذُوفٌ ثِقَةٌ بِدَلَالَةِ مَا قَبْلُ وَمَا بَعْدُ عَلَيْهِ وَإِيذَانًا بِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَفَوَّهَ بِهِ وَلَوْ عَلَى نَهْجِ الْحِكَايَةِ أَيْ أَتَقُولُونَ لَهُ مَا تَقُولُونَ مِنْ أَنَّهُ سِحْرٌ مُبِينٌ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَهُ قَائِلٌ وَيَتَكَلَّمَ بِهِ مُتَكَلِّمٌ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَقُولُ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أَسِحْرٌ هَذَا عَلَى أَنَّ مَقْصُودَهُمْ بِالِاسْتِفْهَامِ تَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا الِاسْتِفْهَامُ الْحَقِيقِيُّ لِأَنَّهُمْ قَدْ بَتُّوا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ سِحْرٌ فَكَيْفَ يَسْتَفْهِمُونَ عَنْهُ وَالْمَحْكِيُّ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ مَفْهُومُ قَوْلِهِمْ وَمَعْنَاهُ وَإِلَّا فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ وَالصَّادِرُ فِيهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ إِحْدَى الْمَقَالَتَيْنِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ بِمَعْنَى الْعَيْبِ وَالطَّعْنِ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَخَافُ الْقَالَةَ وَبَيْنَ النَّاسِ تُقَاوِلٌ إِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا يَسُوءُهُ وَنَظِيرُهُ الذِّكْرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=60سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ وَحِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنِ الْمَفْعُولِ وَاللَّامِ لِبَيَانِ الْمَطْعُونِ فِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23هَيْتَ لَكَ أَيْ أَتَعِيبُونَهُ وَتَطْعَنُونَ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَكَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أَسِحْرٌ هَذَا إِنْكَارًا مُسْتَأْنَفًا مِنْ جِهَةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكَوْنِهِ سِحْرًا وَتَكْذِيبٌ لِقَوْلِهِمْ وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ عَلَيْهِ إِثْرَ تَوْبِيخٍ وَتَجْهِيلٌ إِثْرَ تَجْهِيلٍ، أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ فَوَجْهُ إِيثَارِ إِنْكَارِ كَوْنِهِ سِحْرًا عَلَى إِنْكَارِ كَوْنِهِ مَعِيبًا بِأَنْ يُقَالَ: أَفِيهِ عَيْبٌ حَسْبَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْإِنْكَارِ السَّابِقِ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي خُصُوصِيَّةِ مَا عَابُوهُ بِهِ بَعْدَ التَّنْبِيهِ بِالْإِنْكَارِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ عَيْبٍ مَا، وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُ مَصَبُّ الْإِنْكَارِ وَمَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ مَعْنَى الْقُرْبِ لِزِيَادَةِ تَعْيِينِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَاسْتِحْضَارِ مَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ آيَةً بَاهِرَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَادِيَةِ عَلَى امْتِنَاعِ كَوْنِهِ سِحْرًا هَذَا الَّذِي أَمْرُهُ وَاضِحٌ مَكْشُوفٌ وَشَأْنُهُ مُشَاهَدٌ مَعْرُوفٌ بِحَيْثُ لَا يَرْتَابُ فِيهِ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ عَيْنٌ مُبْصِرَةٌ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ 77 تَأْكِيدٌ لِلْإِنْكَارِ السَّابِقِ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّوْبِيخِ وَالتَّجْهِيلِ وَقَدِ اسْتَلْزَمَ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ سِحْرًا الْقَوْلَ بِكَوْنِ مَنْ أَتَى بِهِ سَاحِرًا، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ وَالرَّابِطُ الْوَاوُ بِلَا ضَمِيرٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: جَاءَ الشِّتَاءُ وَلَسْتُ أَمْلِكُ عُدَّةً ، وَقَوْلِكَ: جَاءَ زَيْدٌ وَلَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، أَيْ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ إِنَّهُ سِحْرٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُفْلِحُ فَاعِلُهُ أَيْ لَا يَظْفَرُ بِمَطْلُوبٍ وَلَا يَنْجُو مِنْ مَكْرُوهٍ وَأَنَا قَدْ أَفْلَحْتُ وَفُزْتُ بِالْحُجَّةِ وَنَجَوْتُ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=77أَسِحْرٌ هَذَا مُعْتَرَضَةٌ بَيْنَ الْحَالِ وَذْيهَا لِتَأْكِيدِ الْإِنْكَارِ السَّابِقِ بِبَيَانِ اسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ سِحْرًا بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتِهِ قَبْلَ بَيَانِ اسْتِحَالَتِهِ بِالنَّظَرِ إِلَى صُدُورِهِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَنْ جَعَلَهَا مَقُولَ الْقَوْلِ أَبْقَى الْحَالِيَّةَ عَلَى حَالِهَا، وَلَا اعْتِرَاضَ عِنْدَهُ وَكَانَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ أَتَحْمِلُونِي عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ سِحْرٌ وَمَا أَنَا عَلَيْهِ مِنَ الْفَلَاحِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّحْرِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي حَيِّزِ قَوْلِهِمْ وَهِيَ حَالِيَّةٌ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى نَمَطٍ آخَرَ وَالِاسْتِفْهَامُ مَصْرُوفٌ إِلَيْهَا وَالْمَعْنَى أَجِئْتَنَا بِسِحْرٍ تَطْلُبُ بِهِ الْفَلَاحَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ أَوْ هُمْ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ فَلَاحِهِ وَهُوَ سَاحِرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ السِّبَاقَ وَالسِّيَاقَ يَأْبَيَانِ
[ ص: 165 ] هَذَا التَّجْوِيزَ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ النَّظْمِ الْجَلِيلِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي إِرْشَادِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنَّ تَجْوِيزَ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ مَقُولَ الْقَوْلِ مِمَّا لَا يُسَاعِدُهُ النَّظْمُ الْكَرِيمُ أَصْلًا، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَا قَالُوا هُوَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ سِحْرٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا تَعَسَّفَ فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَصَرَفَ جَوَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ صَرِيحِ مَا خَاطَبُوهُ بِهِ إِلَى مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِمَّا يَجِبُ تَنْزِيهُ التَّنْزِيلِ عَنْ أَمْثَالِهِ وَكَوْنُ ذَلِكَ اعْتِرَاضًا عَنْ رَدِّ الْإِنْكَارِ السَّابِقِ إِلَى رَدِّ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الْإِنْكَارِ لَا أَرَاهُ يَحْسُنُ الِالْتِفَاتُ هُنَا إِلَى قَبُولِ ذَلِكَ التَّجْوِيزِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَزِيزِ .
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِعَدَمِ إِفْلَاحِ السَّحَرَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ وَظَائِفِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ دُونَ الْكَفَرَةِ الْمُتَشَبِّثِينَ بِأَذْيَالِ بَعْضٍ مِنْهُمْ فِي مُعَارَضَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَلَامَهُمْ لَنَاسَبَ تَخْصِيصَ عَدَمِ الْإِفْلَاحِ بِمَنْ زَعَمُوهُ سَاحِرًا بِنَاءً عَلَى غَلَبَةِ مَنْ يَأْتُونَ بِهِ مِنَ السَّحَرَةِ، وَالِاعْتِذَارُ بِأَنَّ التَّشَبُّثَ بِأَذْيَالِ بَعْضِ السَّحَرَةِ لَا يُنَافِي التَّعَرُّضَ لِعَدَمِ إِفْلَاحِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُمْ عَدَمَ الْفَلَاحِ مُطْلَقًا وَتَشَبُّثُهُمْ بَعْدَ بِمَا تَشَبَّثُوا بِهِ مِنْ بَابِ تَلَقِّي الْبَاطِلِ بِالْبَاطِلِ لَا أُرَاهُ إِلَّا مِنْ بَابِ تَشَبُّثِ الْغَرِيقِ بِالْحَشِيشِ،