قالوا يا نوح قد جادلتنا أي خاصمتنا ونازعتنا وأصله من جدلت الحبل أي أحكمت فتله ومنه الجديل وجدلت البناء أحكمته، ودرع مجدولة والأجدل الصقر المحكم البنية والمجدل القصر المحكم البناء، وسميت المنازعة جدالا لأن المتجادلين كأنهما يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه، وقيل: الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي الأرض الصلبة. فأكثرت جدالنا عطف على ما قبله على معنى شرعت في جدالنا فأطلته أو أتيت بنوع من أنواع الجدال فأعقبته بأنواع أخر، فالفاء على ظاهرها ولا حاجة إلى تأويل جادلتنا بأردت جدالنا كما قاله الجمهور في قوله تعالى: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ونظير ذلك جادل فلان فأكثر، وجعل بعضهم مجموع ذلك كناية عن التمادي والاستمرار.
وقرأ رضي الله تعالى عنهما جدلنا، وهو -كما قال ابن عباس اسم بمعنى الجدال ولما حجهم عليه السلام وأبرز لهم ما ألقمهم به الحجر ضاقت عليهم الحيل وعيت بهم العلل وقالوا: فأتنا بما تعدنا من العذاب المعجل وجوز أن يكون المراد به العذاب الذي أشير إليه في قوله: ابن جني- إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم بناء على أن لا يكون المراد باليوم يوم القيامة و (ما) موصولة والعائد محذوف، أي بالذي تعدنا به، وفي البحر تعدناه، وجوز أن تكون مصدرية وفيه نوع تكلف إن كنت من الصادقين في حكمك بلحوق العذاب إن لم نؤمن بك.