وجاءوا على قميصه بدم كذب أي ذي كذب أو وصف بالمصدر مبالغة كأنه نفس الكذب وعينه كما يقال للكذاب: هو الكذب بعينه والزور بذاته، ومن ذلك ما في قوله:
أفيضوا على عزابكم من بناتكم فما في كتاب الله أن يحرم الفضل وفيهن فضل قد عرفنا مكانه
فهن به جود وأنتم به بخل
وفي بعض الحواشي أن الأولى أن يقال: جاءوا مستولين على قميصه، وقوله سبحانه: بدم حال من القميص، وجعل المعنى استولوا على القميص ملتبسا بدم جائين، وهو على ما قيل: أولى من جاءوا مستولين لما تقرر في التضمين، والأمر في ذلك سهل فإن جعل المضمن أصلا والمذكور حالا وبالعكس كل منهما جائز، وإذا اقتضى المقام أحدهما رجح، واستظهر كونه ظرفا للمجيء المتعدي، والمعنى أتوا بدم كذب فوق قميصه ولا يخفى استقامته، هذا ثم إن ذلك الدم كان دم سخلة ذبحوها ولطخوا بدمها القميص -كما روي عن ابن عباس . ومجاهد
وأخرج ، ابن أبي حاتم عن وأبو الشيخ أنهم أخذوا ظبيا فذبحوه فلطخوا بدمه القميص، ولما جاءوا [ ص: 201 ] به جعل يقلبه فيقول: ما أرى به أثر ناب ولا ظفر إن هذا السبع رحيم، وفي رواية أنه أخذ القميص وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص، وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه، وجاء أنه بكى وصاح وخر مغشيا عليه فأفاضوا عليه الماء فلم يتحرك ونادوه فلم يجب ووضع قتادة يهوذا يده على مخارج نفسه فلم يحس بنفس ولا تحرك له عرق، فقال: ويل لنا من ديان يوم الدين ضيعنا أخانا وقتلنا أبانا فلم يفق إلا ببرد السحر