ولقد أرسلنا رسلا كثيرة كائنة من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية أي نساء وأولادا كما جعلناها لك روي عن الكلبي أن اليهود عيرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ولو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء فنزلت ردا عليهم حيث تضمنت أن التزوج لا ينافي النبوة وأن الجمع بينهما قد وقع في رسل كثيرة قبله .
ذكر أنه كان لسليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وسبعمائة سرية وأنه كان لداود عليه السلام مائة امرأة ولم يتعرض جل شأنه لرد قولهم : ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء للإشارة إلى أنه لا يستحق جوابا لظهور أنه عليه الصلاة والسلام لم يشغله أمر النساء عن شيء ما من أمر النبوة وفي أدائه صلى الله تعالى عليه وسلم للأمرين على أكمل وجه دليل وأي دليل على مزيد كماله ملكية وبشرية ومما يوضح ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يجوع الأيام حتى يشد على بطنه الشريف الحجر ومع ذا يطوف على جميع نسائه في الليلة الواحدة لا يمنعه ذاك عن هذا .
وفي تكثير نسائه عليه الصلاة والسلام فوائد جمة ولو لم يكن فيه سوى الوقوف على استواء سره وعلنه لكفى وذلك لأن النساء من شأنهن أن لا يحفظن سرا كيفما كان فلو كان منه عليه الصلاة والسلام في السر ما يخالف العلن لوقفن عليه مع كثرتهن ولو كن قد وقفن لأفشوه عملا بمقتضى طباع النساء لا سيما الضرائر .
ومن وقف على الآثار وأحاط خبرا بما روي عن هاتيك النساء الطاهرات علم أنهن لم يتركن شيئا من أحواله الخفية إلا ذكروه وناهيك ما روي أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا في الإيلاج بدون إنزال هل يوجب الغسل أم لا فسألوا رضي الله تعالى عنها فقالت ولا حياء في الدين : فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم معي فاغتسلنا جميعا عائشة وروي أنهم طعنوا في نبوته بالتزوج وبعدم الإتيان بما يقترحونه من الآيات فنزل ذلك وقوله تعالى : وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله أي وما صح وما استقام ولم يكن في وسع رسول من الرسل الذين من قبل أن يأتي من أرسل إليهم بآية ومعجزة يقترحونها عليه إلا بتيسير الله تعالى ومشيئته المبنية على الحكم والمصالح التي يدور عليها أمر الكائنات وقد يراد بالآية الآية الكتابية النازلة بالحكم [ ص: 169 ] على وفق مراد المرسل إليهم وهو أوفق بما بعد وجوز إرادة الأمرين باعتبار عموم المجاز أي الدال مطلقا أو على استعمال اللفظ في معنييه بناء على جوازه والالتفات لما تقدم ولتحقيق مضمون الجملة بالإيماء إلى العلة .
لكل أجل أي لكل وقت ومدة من الأوقات والمدد كتاب . (38) . حكم معين يكتب على العباد حسبما تقتضيه الحكمة فإن الشرائع كلها لإصلاح أحوالهم في المبدأ والمعاد ومن قضية ذلك أن تختلف حسب أحوالهم المتغيرة حسب تغير الأوقات كاختلاف العلاج حسب اختلاف أحوال المرضى بحسب الأوقات وهذا عند بعض رد لما أنكروه عليه عليه الصلاة والسلام من نسخ بعض الأحكام كما أن ما قبله رد لطعنهم بعدم الإتيان بالمعجزات المقترحة .