وفي أنوار التنزيل أن المراد بالعذاب ها هنا غير المراد به في سورة البقرة والأعراف لأنه مفسر بالتذبيح والتقتيل ثم ومعطوف عليه التذبيح المفاد بقوله تعالى : ويذبحون أبناءكم ها هنا وفيه إشارة إلى وجه العطف وتركه مع أن القصة واحدة وحاصل ذلك أنه حيث طرح الواو قصد تفسير العذاب وبيانه فلم يعطف لما بينهما من كمال الاتصال وحيث عطف لم يقصد ذلك والعذاب إن كان المراد به الجنس فالتذبيح لكونه أشد [ ص: 190 ] أنواعه عطف عليه عطف جبريل على الملائكة عليهم السلام تنبيها على أنه لشدته كأنه ليس من ذلك الجنس وإن كان المراد به غيره كالاستعباد فهما متغايران والمحل محل العطف وقد جوز أهل المعاني أن يكونا بمعنى في الجميع وذكر الثاني للتفسير وترك العطف في السورتين ظاهر والعطف هنا لعد التفسير لكونه أوفى بالمراد وأظهر منزلة المغاير وهو وجه حسن أيضا وسبب هذا التذبيح أن فرعون رأى في المنام أو قال له الكهنة أنه سيولد لبني إسرائيل من يذهب بملكه فاجتهدوا في ذلك فلم يغن عنهم من قضاء الله تعالى شيئا وقرأ ابن محيصن ( ويذبحون ) مضارع ذبح ثلاثيا وقرأ رضي الله تعالى عنهما كذلك إلا أنه حذف الواو زيد بن علي ويستحيون نساءكم أي يبقونهن في الحياة مع الذل ولذلك عد من جملة البلاء أو لأن إبقاءهن دون البنين رزية في نفسه كما قيل : .
ومن أعظم الرزء فيما أرى بقاء البنات وموت البنينا
والجمل أحوال من آل فرعون أو من ضمير المخاطبين أو منهما جميعا لأن فيها ضمير كل منهما ولا اختلاف في العامل لأنه وإن كان في آل فرعون من في الظاهر لكنه لفظ أنجاكم في الحقيقة والاقتصار على الاحتمالين الأولين هنا وتجويز الثلاثة في سورة البقرة كما فعل بيض الله تعالى غرة أحواله لا يظهر وجهه . البيضاوي
وفي ذلكم أي فيما ذكرنا من الأفعال الفظيعة بلاء من ربكم أي ابتلاء منه تعالى لأن البلاء عين تلك الأفعال اللهم إلا أن تجعل ( في ) تجريدية فنسبته إلى الله تعالى إما من حيث الخلق وهو الظاهر أو الإقدار والتمكين ويجوز أن يكون المشار إليه الإنجاء من ذلك والبلاء الابتلاء بالنعمة فإنه يكون بها كما يكون بالمحنة قال تعالى : ونبلوكم بالشر والخير فتنة وقال زهير : .
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو
وهو الأنسب بصدر الآية ويلوح إليه التعرض لوصف الربوبية وعلى الأول يكون ذلك باعتبار المآل الذي هو الإنجاء أو باعتبار أن بلاء المؤمن تربية له ونفع في الحقيقة عظيم . (6) . لا يطاق حمله أو عظيم الشأن جليل القدر