وقضينا أي أوحينا إليه ذلك الأمر مقضيا مثبتا فقضى مضمن معنى أوحى ولذا عدى تعديته، وجعل المضمن حالا كما أشرنا إليه أحد الوجهين المشهورين في التضمين وذلك مبهم يفسره أن دابر هؤلاء مقطوع على أنه بدل منه كما قال ، وجوز الأخفش كونه بدلا من الأمر إذا جعل بيانا لذلك لا بدلا، وعن أبو البقاء أن ذاك على إسقاط الباء أي بأن دابر إلخ، ولعل المشار إليه بذلك الأمر عليه الأمر الذي تضمنه قوله تعالى: الفراء وامضوا حيث تؤمرون والباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي أوحينا ذلك الأمر المتعلق بنجاته ونجاة آله ملابسا لبيان حال قومه المجرمين من قطع دابرهم، وهو حسن إلا أنه لا يخلو عن بعد، وقرأ ، زيد بن علي رحمهم الله تعالى «إن» بكسر الهمزة وخرج على الاستئناف البياني كأنه قيل: ما ذلك الأمر؟ فقيل في جوابه: إن دابر إلخ أو على البدلية بناء على أن في [ ص: 71 ] الوحي معنى القول، قيل: ويؤيده قراءة عبد الله «وقلنا إن دابر» إلخ وهي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف، والدابر الآخر وليس المراد قطع آخرهم بل استئصالهم حتى لا يبقى منهم أحد والأعمش مصبحين أي داخلين في الصباح فإن الإفعال يكون للدخول في الشيء نحو أتهم وأنجد. وهو من أصبح التامة حال من ( هؤلاء ) وجاز بناء على أن المضاف بعضه، وقد قيل: بجواز مجيء الحال من المضاف إليه فيما كان المضاف كذلك، وليس العامل معنى الإضافة خلافا لبعضهم. وكونه اسم الإشارة توهم لأن الحال لم يقل أحد إن صاحبها يعمل فيها، واختار كونه حالا من الضمير المستكن في أبو حيان مقطوع الراجع إلى ( دابر ) وجاز ذلك مع الاختلاف إفرادا وجمعا رعاية للمعنى لأن ذلك في معنى دابري هؤلاء فيتفق الحال وصاحبها جمعية.
وقدر وأبو عبيد إذا كانوا مصبحين كما تقول: أنت راكبا أحسن منك ماشيا. وتعقب بأنه إن كان تقدير معنى فصيح وإن كان بيان إعراب فلا ضرورة تدعو إلى ذلك كما لا يخفى
الفراء