إنما سلطانه على الذين يتولونه أي يجعلونه واليا عليهم فيحبونه ويطيعونه ويستجيبون دعوته فالمراد بالسلطان التسلط والولاية بالدعوة المستتبعة للاستجابة لا ما يعم ذلك والتسلط بالقسر والإلجاء فإن في جعل التولي صلة «ما» يفصح بنفي إرادة التسلط القسري فإن المقسور بمعزل عنه بهذا المعنى، وقد نفي هذا أيضا عن الكفرة في قوله تعالى حكاية عن اللعين: وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي والذين هم به أي بسبب الشيطان وإغوائه إياهم مشركون بالله تعالى، وقيل: أي بإشراكهم الشيطان مشركون بالله تعالى، وجوز أن يكون الضمير للرب تعالى شأنه والباء للتعدية، وروي ذلك عن ورجح الأول باتحاد الضمائر فيه مع تبادره إلى الذهن، وفي إرشاد العقل السليم ما يشعر باختيار الأخير، وذكر فيه أيضا أن قصر سلطان اللعين على المذكورين غب نفيه عن المؤمنين المتوكلين دليل على أنه لا واسطة في الخارج بين التوكل على الله تعالى وتولي الشيطان وإن كان بينهما واسطة في المفهوم وإن مجاهد إذ به يتم التعليل، ففيه مبالغة في الحمل على التوكل والتحذير عن مقابله. من لم يتوكل عليه تعالى ينتظم في سلك من يتولى الشيطان من حيث لا يحتسب
وإيثار الجملة الفعلية الاستقبالية في الصلة الأولى لما مر آنفا والاسمية في الثانية للدلالة على الثبات، وتكرير الموصول للاحتراز عن توهم كون الصلة الثانية حالية مفيدة لعدم دخول غير المشركين من أولياء الشيطان تحت سلطانه.
[ ص: 231 ] وتقديم الأولى على الثانية التي هي بمقابلة الصلة الأولى فيما سلف لرعاية المقارنة بينها وبين ما يقابلها من التوكل على الله تعالى ولو روعي الترتيب السابق لانفصل كل من القرينتين عما يقابلها اه، لما كان كل من الإيمان والتولي منشأ لما بعده قدم عليه، وتقديم الجار والمجرور لرعاية الفواصل