بالويل تارا والثبور تارا
وإسناد الإعادة إليه تعالى مع أن العود باختيارهم ومما ينسب إليهم وإن كان مخلوقا له سبحانه كسائر أفعالهم باعتبار خلق الدواعي فيهم الملجئة إلى ذلك، وفيه إيماء إلى كمال شدة هول ما لا قوة في التارة الأولى بحيث لولا الإعادة ما عادوا فيرسل عليكم وأنتم في البحر قاصفا من الريح وهي الريح الشديدة التي تقصف ما تمر به من الشجر ونحوه أو التي لها قصيف وهو الصوت الشديد كأنها تتقصف أي تتكسر.وأخرج ابن جرير عن وابن المنذر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: القاصف من الريح الريح التي تغرق، وقيل: الريح المهلكة في البر حاصب، والريح المهلكة في البحر قاصف، والعاصف كالقاصف كما روي عن ابن عباس عبد الله بن عمرو، وفي رواية عن تفسير القاصف بالعاصف، وقرأ ابن عباس «من الرياح» بالجمع أبو جعفر: فيغرقكم الله سبحانه بواسطة ما ينال فلككم من القاصف، وقرأ «فتغرقكم» بالتاء ثالثة الحروف على أن الفعل مسند إلى الريح، أبو جعفر: والحسن، (فيغرقكم) بالياء آخر الحروف وفتح الغين وشد الراء، وفي رواية عن وأبو رجاء: كذلك إلا أنه بالتاء لا الياء، وقرأ أبي جعفر حميد بالنون وإسكان الغين وإدغام القاف في الكاف ورويت عن أبي عمرو وابن محيصن بما كفرتم أي: بسبب كفركم السابق وهو إعراضهم عند الإنجاء في المرة الأولى، وقيل: بسبب كفركم الذي هو دأبكم دائما.
ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا أي: نصيرا كما روي عن أو ثائرا يطلبنا بما فعلنا انتصارا منا أو دركا للثار من جهتنا، فهو كقوله تعالى: ابن عباس، فسواها ولا يخاف عقباها كما روي عن وضمير «به» قيل للإرسال، وقيل: للإغراق، وقيل: لهما باعتبار ما وقع ونحوه كما أشير إليه وكأنه سبحانه لما جعل الغرق بين الإعادة إلى البحر انتقاما في مقابلة الكفر عقبه تعالى بنفي وجدان التبيع فكأنه قيل: ننتقم من غير أن يقوم لنصركم فهو وعيد على وعيد، وجعل ما قبل من شق العذاب كمس الضر في البحر عقبه بنفي وجدان الوكيل فكأنه قيل: لا تجدون من تتكلون عليه في دفعه غيره تعالى لقوله سبحانه: مجاهد، ضل من تدعون إلا إياه وهذا اختيار صاحب الكشف فلا تغفل.