ويقولون أي: في سجودهم أو مطلقا سبحان ربنا عن خلف وعده أو عما يفعل الكفرة من التكذيب إن كان وعد ربنا لمفعولا إن مخففة من المثقلة واسمها ضمير شأن واللام فارقة، أي: إن الشأن هذا ويخرون للأذقان يبكون كرر الخرور للأذقان لاختلاف السبب فإن الأول لتعظيم أمر الله تعالى أو الشكر لإنجاز الوعد والثاني لما أثر فيهم من مواعظ القرآن، والجار والمجرور إما متعلق بما عنده أو بمحذوف وقع حالا مما قبل أو مما بعد، أي: ساجدين، وجملة يبكون حال أيضا أي: باكين من خشية الله تعالى، ولما كان البكاء ناشئا من الخشية الناشئة من التفكر الذي يتجدد جيء بالجملة الفعلية المفيدة للتجدد، وقد جاء في مدح البكاء من خشيته تعالى أخبار كثيرة.
فقد أخرج الحكيم عن الترمذي النضر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن عبدا بكى في أمة لأنجى الله تعالى تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد، وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة؛ فإنها تطفئ بحورا من النار، وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله تعالى إلا حرم الله تعالى جسدها على النار، فإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة».
وأخرج أيضا عن قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ابن عباس «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله تعالى وعين باتت تحرس في سبيل الله تعالى».
وأخرج هو والنسائي عن ومسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة زاد «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع، ولا اجتمع على عبد غبار في سبيل الله تعالى ودخان جهنم». في منخريه، النسائي: أبدا. ومسلم:
وينبغي أن يكون ذلك حال العلماء؛ فقد أخرج ابن جرير وابن [ ص: 191 ] المنذر وغيرهما عن عبد الأعلى التيمي أنه قال: إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه؛ لأن الله تعالى نعت أهل العلم فقال: ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم أي القرآن بسماعهم خشوعا لما يزيدهم علما ويقينا بأمر الله تعالى على ما حصل عندهم من الأدلة.