وقوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_29706_29778_30549_34189_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24أم اتخذوا من دونه آلهة إضراب وانتقال من إظهار بطلان كون ما اتخذوه آلهة حقيقية بإظهار خلوها عن خصائص الإلهية التي من جملتها الإنشار وإقامة البرهان القطعي على استحالة تعدد الإله مطلقا وتفرده سبحانه بالألوهية إلى بطلان اتخاذهم تلك الآلهة مع عرائها عن تلك الخصائص بالمرة شركاء لله تعالى شأنه وتبكيتهم بإلجائهم إقامة البرهان على دعواهم الباطلة وتحقيق أن جميع الكتب السماوية ناطقة بحقية التوحيد وبطلان الإشراك . وجوز أن يكون هذا انتقالا لإظهار بطلان الآلهة مطلقا بعد إظهار بطلان الآلهة الأرضية ، والهمزة لإنكار الاتخاذ المذكور واستقباحه واستعظامه ومن متعلقة باتخذوا ، والمعنى بل اتخذوا متجاوزين إياه تعالى مع ظهور شؤونه الجليلة الموجبة لتفرده بالألوهية آلهة مع ظهور أنها عارية عن خواص الألوهية بالكلية .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24قل لهم بطريق التبكيت وإلقام الحجر
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هاتوا برهانكم على ما تدعونه من جهة العقل الصريح أو النقل الصحيح فإنه لا يصح القول بمثل ذلك من غير دليل عليه ، وما في إضافة البرهان إلى ضميرهم من الإشعار بأن لهم برهانا ضرب من التهكم بهم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هذا ذكر من معي وذكر من قبلي إنارة لبرهانه وإشارة إلى أنه مما نطقت به الكتب الإلهية قاطبة وزيادة تهييج لهم على إقامة البرهان لإظهار كمال عجزهم أي هذا الوحي الوارد في شأن التوحيد المتضمن للبرهان القاطع ذكر أمتي وعظتهم وذكر الأمم السالفة قد أقمته فأقيموا أنتم أيضا برهانكم ، وأعيد لفظ ( ذكر ) ولم يكتف بعطف الموصول على الموصول المستدعي للانسحاب لأن كون المشخص ذكر من معه وكونه ذكر من قبله باعتبار اتحاده بالحقيقة مع الوحي المتضمن ذلك .
وقيل : المراد بالذكر الكتاب أي هذا كتاب أنزل على أمتي وهذا كتاب أنزل على أمم الأنبياء عليهم السلام من الكتب الثلاثة والصحف فراجعوها وانظروا هل في واحد منها غير الأمر بالتوحيد والنهي عن الإشراك ففيه تبكيت لهم متضمن لنقيض مدعاهم وقرئ بتنوين ذكر الأول والثاني وجعل ما بعده منصوب المحل على المفعولية له لأنه مصدر وإعماله هو الأصل نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما [البلد : 14] .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بالتنوين وكسر ميم (من ) فهي على هذا حرف جر ومع مجرورة بها وهي اسم يدل على الصحبة والاجتماع جعلت هنا ظرفا كقبل وبعد فجاز إدخال من عليها كما جاز إدخالها عليهما لكن دخولها عليها نادر ، ونص
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان أنها حينئذ بمعنى عند . وقيل : من داخلة على موصوفها أي عظة من كتاب معي وعظة من كتاب من قبلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم ضعف هذه القراءة لما فيها من دخول من على مع ولم ير له وجها وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة أنه قرأ (هذا ذكر معي وذكر قبلي ) بتنوين (ذكر ) وإسقاط (من ) وقرأت فرقة (هذا ذكر من ) بالإضافة (وذكر من قبلي ) بالتنوين وكسر الميم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24بل أكثرهم لا يعلمون الحق إضراب من جهته تعالى غير داخل في الكلام الملقن وانتقال من الأمر بتبكيتهم بمطالعة البرهان إلى بيان أن الاحتجاج عليهم لا ينفع لفقدهم التمييز بين الحق والباطل
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24فهم لأجل ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24معرضون مستمرون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول لا يرعوون عما هم عليه من الغي والضلال وإن كررت عليهم البينات والحجج أو فهم معرضون
[ ص: 32 ] عما ألقي عليهم من البراهين العقلية والنقلية .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وحميد وابن محيصن ( الحق ) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق ، والجملة معترضة بين السبب والمسبب تأكيدا للربط بينهما ، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون المنصوب أيضا على معنى التأكيد كما تقول هذا عبد الله الحق لا الباطل ، والظاهر أنه منصوب على أنه مفعول به ليعلمون والعلم بمعنى المعرفة .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_29706_29778_30549_34189_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِضْرَابٌ وَانْتِقَالٌ مِنْ إِظْهَارِ بُطْلَانِ كَوْنِ مَا اتَّخَذُوهُ آلِهَةً حَقِيقِيَّةً بِإِظْهَارِ خُلُوِّهَا عَنْ خَصَائِصِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِنْشَارُ وَإِقَامَةُ الْبُرْهَانِ الْقَطْعِيِّ عَلَى اسْتِحَالَةِ تَعَدُّدِ الْإِلَهِ مُطْلَقًا وَتَفَرُّدُهُ سُبْحَانَهُ بِالْأُلُوهِيَّةِ إِلَى بُطْلَانِ اتِّخَاذِهِمْ تِلْكَ الْآلِهَةَ مَعَ عَرَائِهَا عَنْ تِلْكَ الْخَصَائِصِ بِالْمَرَّةِ شُرَكَاءَ لِلَّهِ تَعَالَى شَأْنُهُ وَتَبْكِيتُهُمْ بِإِلْجَائِهِمْ إِقَامَةَ الْبُرْهَانِ عَلَى دَعْوَاهُمُ الْبَاطِلَةِ وَتَحْقِيقُ أَنَّ جَمِيعَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ نَاطِقَةٌ بِحَقِّيَّةِ التَّوْحِيدِ وَبُطْلَانِ الْإِشْرَاكِ . وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ هَذَا انْتِقَالًا لِإِظْهَارِ بُطْلَانِ الْآلِهَةِ مُطْلَقًا بَعْدَ إِظْهَارِ بُطْلَانِ الْآلِهَةِ الْأَرْضِيَّةِ ، وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ الِاتِّخَاذِ الْمَذْكُورِ وَاسْتِقْبَاحِهِ وَاسْتِعْظَامِهِ وَمِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِاتَّخَذُوا ، وَالْمَعْنَى بَلِ اتَّخَذُوا مُتَجَاوِزِينَ إِيَّاهُ تَعَالَى مَعَ ظُهُورِ شُؤُونِهِ الْجَلِيلَةِ الْمُوجِبَةِ لِتَفَرُّدِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ آلِهَةً مَعَ ظُهُورِ أَنَّهَا عَارِيَةٌ عَنْ خَوَاصِّ الْأُلُوهِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24قُلْ لَهُمْ بِطَرِيقِ التَّبْكِيتِ وَإِلْقَامِ الْحَجَرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى مَا تَدَّعُونَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ أَوِ النَّقْلِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ ، وَمَا فِي إِضَافَةِ الْبُرْهَانِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ مِنَ الْإِشْعَارِ بِأَنَّ لَهُمْ بُرْهَانًا ضَرْبٌ مِنَ التَّهَكُّمِ بِهِمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي إِنَارَةٌ لِبُرْهَانِهِ وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِمَّا نَطَقَتْ بِهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ قَاطِبَةً وَزِيَادَةُ تَهْيِيجٍ لَهُمْ عَلَى إِقَامَةِ الْبُرْهَانِ لِإِظْهَارِ كَمَالِ عَجْزِهِمْ أَيْ هَذَا الْوَحْيُ الْوَارِدُ فِي شَأْنِ التَّوْحِيدِ الْمُتَضَمِّنُ لِلْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ ذِكْرُ أُمَّتِي وَعِظَتُهُمْ وَذِكْرُ الْأُمَمِ السَّالِفَةَ قَدْ أَقَمْتُهُ فَأَقِيمُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بُرْهَانَكُمْ ، وَأُعِيدَ لَفْظُ ( ذِكْرُ ) وَلَمْ يُكْتَفَ بِعَطْفِ الْمَوْصُولِ عَلَى الْمَوْصُولِ الْمُسْتَدْعِي لِلِانْسِحَابِ لِأَنَّ كَوْنَ الْمُشَخَّصِ ذِكْرَ مَنْ مَعَهُ وَكَوْنَهُ ذِكْرَ مَنْ قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِهِ بِالْحَقِيقَةِ مَعَ الْوَحْيِ الْمُتَضَمِّنِ ذَلِكَ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الْكِتَابُ أَيْ هَذَا كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى أُمَّتِي وَهَذَا كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنَ الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ وَالصُّحُفِ فَرَاجِعُوهَا وَانْظُرُوا هَلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ الْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْإِشْرَاكِ فَفِيهِ تَبْكِيتٌ لَهُمْ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِ مُدَّعَاهُمْ وَقُرِئَ بِتَنْوِينِ ذِكْرٍ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَجُعِلَ مَا بَعْدَهُ مَنْصُوبَ الْمَحَلِّ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لَهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَإِعْمَالُهُ هُوَ الْأَصْلُ نَحْوُ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا [الْبَلَدَ : 14] .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ nindex.php?page=showalam&ids=16258وَطَلْحَةُ بِالتَّنْوِينِ وَكَسْرِ مِيمِ (مِنْ ) فَهِيَ عَلَى هَذَا حَرْفُ جَرٍّ وَمَعَ مَجْرُورَةٌ بِهَا وَهِيَ اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى الصُّحْبَةِ وَالِاجْتِمَاعِ جُعِلَتْ هُنَا ظَرْفًا كَقَبْلُ وَبَعْدُ فَجَازَ إِدْخَالُ مِنْ عَلَيْهَا كَمَا جَازَ إِدْخَالُهَا عَلَيْهِمَا لَكِنَّ دُخُولَهَا عَلَيْهَا نَادِرٌ ، وَنَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ أَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَعْنَى عِنْدَ . وَقِيلَ : مِنْ دَاخِلَةٌ عَلَى مَوْصُوفِهَا أَيْ عِظَةٌ مِنْ كِتَابٍ مَعِيَ وَعِظَةٌ مِنْ كِتَابٍ مِنْ قَبْلِي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11970وَأَبُو حَاتِمٍ ضَعَّفَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ دُخُولِ مَنْ عَلَى مَعَ وَلَمْ يَرَ لَهُ وَجْهًا وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةَ أَنَّهُ قَرَأَ (هَذَا ذِكْرٌ مَعِيَ وَذِكْرٌ قَبْلِي ) بِتَنْوِينِ (ذِكْرٍ ) وَإِسْقَاطِ (مَنْ ) وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ (هَذَا ذِكْرُ مَنْ ) بِالْإِضَافَةِ (وَذِكْرٌ مِنْ قَبْلِي ) بِالتَّنْوِينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ إِضْرَابٌ مِنْ جِهَتِهِ تَعَالَى غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْكَلَامِ الْمُلَقَّنِ وَانْتِقَالٌ مِنَ الْأَمْرِ بِتَبْكِيتِهِمْ بِمُطَالَعَةِ الْبُرْهَانِ إِلَى بَيَانِ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ عَلَيْهِمْ لَا يَنْفَعُ لِفَقْدِهِمُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24فَهُمْ لِأَجْلِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24مُعْرِضُونَ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ التَّوْحِيدِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ لَا يَرْعَوُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْغَيِّ وَالضَّلَالِ وَإِنْ كُرِّرَتْ عَلَيْهِمُ الْبَيِّنَاتُ وَالْحُجَجِ أَوْ فَهُمْ مُعْرِضُونَ
[ ص: 32 ] عَمَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ وَحَمِيدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ( الْحَقُّ ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ الْحَقُّ ، وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ تَأْكِيدًا لِلرَّبْطِ بَيْنَهُمَا ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمَنْصُوبُ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ كَمَا تَقُولُ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ الْحَقَّ لَا الْبَاطِلَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِيَعْلَمُونِ وَالْعِلْمُ بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ .