[ ص: 91 ] وقرأ قتادة ومطر الوراق ومحبوب عن أبي عمر و بفتح الحاء وسكون الراء ، وقرأ (وحرم ) الحاء وكسر الراء والتنوين . وقرأ عكرمة ابن عباس أيضا وعكرمة وابن المسيب أيضا بكسر الراء وفتح الحاء والميم على المضي وقرأ وقتادة ابن عباس بخلاف عنهما وعكرمة وأبو العالية بضم الراء وفتح الحاء والميم على المضي أيضا ، وفي رواية أخرى عن وزيد بن علي أنه قرأ بفتح الحاء والراء والميم على المضي أيضا . ابن عباس
وقرأ اليماني ( وحرم ) بضم الحاء وكسر الراء مشددة وفتح الميم على أنه فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله .
أهلكناها أي قدرنا هلاكها أو حكمنا به في الأزل لغاية طغيانهم وعتوهم فيما لا يزال .
وقرأ السلمي (أهلكتها ) بتاء المتكلم ، وقوله تعالى : وقتادة أنهم لا يرجعون في تأويل اسم مرفوع على الابتداء خبره (حرام ) قال في أماليه : ويجب حينئذ تقديمه لما تقرر في النحو من أن الخبر عن أن يجب تقديمه ، وجوز أن يكون (حرام ) مبتدأ و (أنهم ) فاعل له سد مسد خبره وإن لم يعتمد على نفي أو استفهام بناء على مذهب ابن الحاجب فإنه لا يشترط في ذلك الاعتماد خلافا للجمهور كما هو المشهور . الأخفش
وذهب ابن مالك أن رفع الوصف الواقع مبتدأ لمكتفى به عن الخبر من غير اعتماد جائز بلا خلاف وإنما الخلاف في الاستحسان وعدمه فسيبويه يقول : هو ليس بحسن يقول : هو حسن وكذا الكوفيون كما في شرح التسهيل والجملة لتقرير ما قبلها من قوله تعالى : والأخفش كل إلينا راجعون وما في أن من معنى التحقيق معتبر في النفي المستفاد في ( حرام ) لا في المنفي أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا أن عدم رجوعهم المحقق ممتنع ، وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى : كل إلينا راجعون لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم ، وهذا المعنى محكي عن أبي مسلم بن بحر ، ونقله عنه لكنه قال : إن الغرض من الجملة على ذلك إبطال قول من ينكر البعث ، وتحقيق ما تقدم من أنه لا كفران لسعي أحد وأنه يجزى على ذلك يوم القيامة ، ولا يخفى ما فيه . أبو حيان
وقال أبو عتبة : المعنى وممتنع على قرية قدرنا هلاكها أو حكمنا به رجوعهم إلينا أي توبتهم على أن (لا ) سيف خطيب مثلها في قوله تعالى : ما منعك ألا تسجد [الأعراف : 12] في قول ، وقيل حرام بمعنى واجب كما في قول الخنساء :
وإن حراما لا أرى الدهر باكيا على شجوة إلا بكيت على صخر
ومن ذلك قوله تعالى : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا [الأنعام : 151] إلخ فإن ترك الشرك واجب ، وعلى هذا قال مجاهد والحسن لا يرجعون لا يتوبون عن الشرك .
وقال قتادة : لا يرجعون إلى الدنيا ، والظاهر على هذا أن المراد بأهلكناها أوجدنا إهلاكها بالفعل ، والمراد بالهلاك الهلاك الحسي ، ويجوز على القول بأن المراد بعدم الرجوع عدم التوبة أن يراد به الهلاك المعنوي بالكفر والمعاصي . وقرئ (إنهم ) بكسر الهمزة على أن الجملة استئناف تعليلي لما قبلها فحرام خبر مبتدأ محذوف أي حرام عليها ذلك وهو ما ذكر في الآية السابقة من العمل الصالح المشفوع بالإيمان والسعي المشكور ثم علل بقوله تعالى : ومقاتل أنهم لا يرجعون عماهم عليه من الكفر فكيف لا يمتنع ذلك ، ويجوز حمل الكلام على قراءة الجمهور بالفتح على هذا المعنى بحذف حرف التعليل أي لأنهم لا يرجعون . قدر المبتدأ في ذلك أن يتقبل عملهم فقال : المعنى وحرام على قرية حكمنا بهلاكها أن يتقبل عملهم لأنهم لا يتوبون [ ص: 92 ] ودل على ذلك قوله تعالى قبل : والزجاج فلا كفران لسعيه حيث إن المراد منه يتقبل عمله