وقل رب أنزلني في الفلك منزلا أي إنزالا أو موضع إنزال مباركا يتسبب لمزيد الخير في الدارين وأنت خير المنزلين أي من يطلق عليه ذلك، والدعاء بذلك إذا كان بعد الدخول فالمراد إدامة ذلك الإنزال ولعل المقصود إدامة البركة، وجوز أن يكون دعاء بالتوفيق للنزول في أبرك منازلها لأنها واسعة، وإن كان قبل الدخول فالأمر واضح، وروى جماعة عن أن هذا دعاء أمر مجاهد نوح عليه السلام أن يقوله عند النزول من السفينة فالمعنى رب أنزلني منها في الأرض منزلا إلخ، وأخذ منه . ندب أن يقول راكب السفينة عند النزول منها قتادة رب أنزلني إلخ، واستظهر بعضهم الأول إذ العطف ظاهر في أن القولين وقت الاستواء. وأعاد ( قل ) لتعدد الدعاء، والأول متضمن دفع مضرة ولذا قدم وهذا لجلب منفعة.
وأمره عليه السلام أن يشفع دعاءه ما يطابقه من ثنائه عز وجل توسلا به إلى الإجابة فإن الثناء على المحسن يكون مستدعيا لإحسانه، وقد قالوا: الثناء على الكريم يعني عن سؤاله، وإفراده عليه السلام بالأمر مع شركة الكل في الاستواء لإظهار فضله عليه السلام وأنه لا يليق غيره منهم للقرب من الله تعالى والفوز بعز الحضور في مقام الإحسان مع الإيماء إلى كبريائه عز وجل وأنه سبحانه لا يخاطب كل أحد من عباده والإشعار بأن في دعائه عليه السلام وثنائه مندوحة عما عداه.
وقرأ أبو بكر والمفضل وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبان «منزلا» بفتح الميم وفتح الزاي أي مكان نزول، وقرأ عن أبو بكر «منزلا» بفتح الميم وكسر الزاي. قال عاصم : يحتمل أن يكون المنزل على هذه القراءة مصدرا وأن يكون موضع نزول . أبو علي