والذي هو يطعمني ويسقين مبتدأ محذوف الخبر؛ لدلالة ما قبله عليه، وكذا اللذان بعده، ولا يخفى ما في ذلك لفظا ومعنى، فاللائق بجزالة التنزيل الإعراب الأول، وعليه يكون الموصول عطفا على الموصول الأول، وإنما كرر الموصول في المواضع الثلاثة - مع كفاية عطف ما في حيز الصلة من الجمل الست على صلة الموصول الأول - للإيذان بأن كل واحدة من تلك الصلات نعت جليل له تعالى، مستقل في استيجاب الحكم، حقيق بأن تجري عليه - عز وجل - بحيالها ولا تجعل من روادف غيرها، والظاهر أن المراد إطعام الطعام المعروف، وسقي الشراب المعهود، وجيء بـ(هو) هنا دون الخلق لشيوع إسناد الإطعام والسقي إلى غيره - عز وجل - بخلاف الخلق، وعلى هذا القياس فيما جيء فيه بـ(هو) وما ترك مما يأتي إن شاء الله تعالى.
وعن أبي بكر الوراق أن المعنى: يطعمني بلا طعام ويسقيني بلا شراب، كما جاء: «إني أبيت يطعمني ربي ويسقين» وهو مشرب صوفي.
وأتي بهذين الصفتين بعدما تقدم لما أن دوام الحياة وبقاء نظام خلق الإنسان بالغذاء والشراب ما سلك فيهما مسلك العدل، وهو أشد احتياجا إليهما منه إلى غيرهما، ألا ترى أن أهل النار - وهم في النار - لم يشغلهم ما هم فيه من العذاب عن طلبهما فقالوا: «أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله»؟!