وتذرون ما خلق لكم ربكم لأجل استمتاعكم، وكلمة (من) في قوله تعالى: من أزواجكم للبيان إن أريد بما جنس الإناث، ولعل في الكلام حينئذ مضافين محذوفين، أي: وتذرون إتيان فروج ما خلق لكم، أو للتبعيض إن أريد بما العضو المباح من الأزواج، ويؤيده قراءة «ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم» وحينئذ يكتفى بتقدير مضاف واحد، أي: وتذرون إتيان ما خلق، ويكون في الكلام - على ما قيل - تعريض بأنهم كانوا يأتون نساءهم أيضا في محاشهن، ولم يصرح بإنكاره كما صرح بإنكار إتيان الذكران؛ لأنه دونه في الإثم. ابن مسعود
وهو على المشهور عند أهل السنة حرام بل كبيرة، وقيل: هو مباح، وقد تقدم الكلام في ذلك مبسوطا عند الكلام في قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم .
وقيل: ليس في الكلام مضاف محذوف أصلا، والمراد ذمهم بترك ما خلق لهم، وعدم الالتفات إليه بوجه من الوجوه فضلا عن الإتيان، وأنت تعلم أن المعنى ظاهر على التقدير، وقوله تعالى: بل أنتم قوم عادون إضراب انتقالي، والعادي المتعدي في ظلمه المتجاوز فيه الحد، ومتعلقه مقدر، وهو إما عام أو خاص، أي: بل أنتم قوم متعدون متجاوزون الحد في جميع المعاصي وهذا من جملتها، أو متجاوزون عن حد الشهوة؛ حيث زدتم على سائر الناس، بل أكثر الحيوانات.
وقيل: متجاوزون الحد في الظلم؛ حيث ظلمتم بإتيان ما لم يخلق للإتيان وترك إتيان ما خلق له، وفي البحر أن [ ص: 116 ] تصدير الجملة بضمير الخطاب؛ تعظيما لفعلهم؛ وتنبيها على أنهم مختصون بذلك، كأنه قيل: بل أنتم قوم عادون لا غيركم.