(أولئك) إشارة إلى المذكورين الموصوفين بالكفر والعمه، وهو مبتدأ خبره الذين لهم سوء العذاب يحتمل أن يكون المراد: لهم ذلك في الدنيا بأن يقتلوا أو يؤسروا أو تشدد عليهم سكرات الموت لقوله تعالى: وهم في الآخرة هم الأخسرون ويحتمل أن يكون المراد: لهم ذلك في الدارين وهو الذي استظهره ، ويكون قوله تعالى: (وهم) إلخ ... لبيان أن ما في الآخرة أعظم العذابين بناء على أن «الأخسرين» أفعل تفضيل، والتفضيل باعتبار حاليهم في الدارين، أي: هم في الآخرة أخسر منهم في الدنيا لا غيرهم، كما يدل عليه تعريف الجزأين على معنى أن خسرانهم في الآخرة أعظم من خسرانهم في الدنيا من حيث إن عذابهم في الآخرة غير منقطع أصلا، وعذابهم في الدنيا منقطع، ولا كذلك غيرهم من عصاة المؤمنين؛ لأن خسرانهم في الآخرة ليس أعظم من خسرانهم في الدنيا من هذه الحيثية، فإن عذابهم في الآخرة ينقطع ويعقبه نعيم الأبد حتى يكادوا لا يخطر ببالهم أنهم عذبوا، كذا قيل. أبو حيان
وقال بعضهم: إن التفضيل باعتبار ما في الآخرة، أي: هم في الآخرة أشد الناس خسرانا لا غيرهم لحرمانهم الثواب واستمرارهم في العقاب بخلاف عصاة المؤمنين، ويلزم من ذلك كون عذابهم في الآخرة أعظم من عذابهم في الدنيا ويكفي هذا في البيان.
وقال الكرماني: إن أفعل هنا للمبالغة لا للشركة، قال : كأنه يقول: ليس للمؤمن خسران البتة حتى يشركه فيه الكافر ويزيد عليه، ولم يتفطن لكون المراد أن خسران الكافر في الآخرة أشد من خسرانه في الدنيا، فالاشتراك الذي يدل عليه (أفعل) إنما هو بين ما في الآخرة وما في الدنيا، اهـ كلامه. أبو حيان
وكأنه يسلم أن ليس للمؤمن خسران البتة، وفيه بحث لا يخفى، وتقديم (في الآخرة) إما للفاصلة أو للحصر،